الْحُكْمَ وُجُوبُ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالتَّتَابُعِ، وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْحُكْمُ وُجُوبُ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ (يُحْمَلُ بِالِاتِّفَاقِ لِامْتِنَاعِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا) فَإِنَّ الْمُطْلَقَ يُوجِبُ أَجْزَاءَ غَيْرِ الْمُتَتَابِعِ، وَالْمُقَيَّدَ يُوجِبُ عَدَمَ أَجْزَائِهِ.
(هَذَا إذَا كَانَ الْحُكْمُ مُثْبَتًا فَإِنْ كَانَ مَنْفِيًّا نَحْوُ لَا تَعْتِقْ رَقَبَةً، وَلَا تَعْتِقْ رَقَبَةً كَافِرَةً لَا يُحْمَلُ اتِّفَاقًا فَلَا تُعْتَقُ أَصْلًا لَهُ أَنَّ الْمُطْلَقَ سَاكِتٌ، وَالْمُقَيِّدَ نَاطِقٌ فَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ السُّكُوتَ عَدَمٌ) فَنَقُولُ فِي جَوَابِهِ نَعَمْ إنَّ الْمُقَيَّدَ أَوْلَى لَكِنْ إذَا تَعَارَضَا، وَلَا تَعَارُضَ إلَّا فِي اتِّحَادِ الْحَادِثَةِ، وَالْحُكْمِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ.
(وَلِأَنَّ الْقَيْدَ زِيَادَةُ وَصْفٍ يَجْرِي مَجْرَى الشَّرْطِ فَيُوجِبُ النَّفْيَ) أَيْ نَفْيَ الْحُكْمِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصْفِ
ــ
[التلويح]
أَعْتِقْ رَقَبَةً وَلَا تَعْتِقْ رَقَبَةً كَافِرَةً أَوْ بِالْوَاسِطَةِ مِثْلُ أَعْتِقْ عَنِّي رَقَبَةً، وَلَا تُمَلِّكْنِي رَقَبَةً كَافِرَةً فَإِنَّ نَفْيَ تَمْلِيكِ الْكَافِرَةِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ إعْتَاقِهَا عَنْهُ، وَهَذَا يُوجِبُ تَقْيِيدَ إيجَابِ الْإِعْتَاقِ عَنْهُ بِالْمُؤْمِنَةِ. حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَإِنْ قُلْت مَعْنَى حَمْلِ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ تَقْيِيدُهُ بِذَلِكَ الْقَيْدِ، وَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ فِيمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ الْمِثَالِ لِأَنَّ الْمُقَيَّدَ إنَّمَا قُيِّدَ بِالْكَافِرَةِ وَالْمُطْلَقَ إنَّمَا قُيِّدَ بِالْمُؤْمِنَةِ قُلْت نَعَمْ مَعْنَاهُ تَقَيُّدُ الْمُطْلَقِ بِذَلِكَ الْقَيْدِ لَكِنْ إنْ كَانَ الْقَيْدُ مُوجِبًا فَبِإِيجَابِهِ، وَإِنْ كَانَ مَنْفِيًّا فَبِنَفْيِهِ، وَهَاهُنَا قَيْدُ الْكَافِرَةِ مَنْفِيٌّ فَقَيْدُ إيجَابِ الْإِعْتَاقِ بِنَفْيِ الْكَافِرَةِ، وَهُوَ الْمُؤْمِنَةُ، وَنُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَعْنَى حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ تَقْيِيدُهُ بِقَيْدٍ مَا سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمَذْكُورَ فِي الْمُقَيَّدِ أَوْ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ إجْرَاءِ الْمُطْلَقِ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَمَعْنَاهُ عَدَمُ تَقْيِيدِهِ بِقَيْدٍ مَا بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ أَوْرَدُوا عَلَيْنَا الْإِشْكَالَ بِتَقْيِيدِ الرَّقَبَةِ بِالسَّلَامَةِ مَعَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْمُقَيَّدِ هُوَ الْمُؤْمِنَةُ لَا السَّلِيمَةُ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْحَمْلَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى بَعِيدٌ، وَسَيَجِيءُ أَنَّ إيرَادَ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ هَذَا إذَا اخْتَلَفَ الْحُكْمُ، وَإِنْ اتَّحَدَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْفِيًّا أَوْ مُثْبَتًا فَإِنْ كَانَ مَنْفِيًّا فَلَا حَمْلَ مِثْلُ لَا تَعْتِقْ رَقَبَةً، وَلَا تَعْتِقْ رَقَبَةً كَافِرَةً لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِأَنْ لَا يَعْتِقَ أَصْلًا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ الْعَامِّ مَعَ الْخَاصِّ لَا الْمُطْلَقِ مَعَ الْمُقَيَّدِ، وَإِنْ كَانَ مُثْبَتًا فَإِمَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْحَادِثَةُ أَوْ تَتَّحِدَ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَالْقَتْلِ فَلَا حَمْلَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَإِنْ اتَّحَدَتْ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْإِطْلَاقُ، وَالتَّقْيِيدُ فِي السَّبَبِ، وَنَحْوِهِ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ فَلَا حَمْلَ كَوُجُوبِ نِصْفِ الصَّاعِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ بِسَبَبِ الرَّأْسِ مُطْلَقًا فِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ، وَمُقَيَّدًا بِالْإِسْلَامِ فِي الْآخَرِ، وَإِلَّا يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِالِاتِّفَاقِ كَقِرَاءَةِ الْعَامَّةِ {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة: ١٩٦] ، وَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ لِامْتِنَاعِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ضَرُورَةَ أَنَّ الْمُطْلَقَ يُوجِبُ إجْزَاءَ غَيْرِ الْمُتَتَابِعِ لِمُوَافَقَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَالْمُقَيَّدُ يُوجِبُ عَدَمَ إجْزَائِهِ لِمُخَالَفَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَفِي هَذَا الْمِثَالِ أَشَارَ إلَى الْجَوَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute