للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فِي الْمَنْصُوصِ، وَفِي نَظِيرِهِ كَالْكَفَّارَاتِ مَثَلًا فَإِنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ الْآخَرِ، وَهُوَ أَنْ يُحْمَلَ إنْ اقْتَضَى الْقِيَاسُ حَمْلَهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْوَصْفِ كَالتَّخْصِيصِ بِالشَّرْطِ وَالتَّخْصِيصَ بِالشَّرْطِ يُوجِبُ نَفْيَ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ عِنْدَهُ، وَذَلِكَ النَّفْيُ لَمَّا كَانَ مَدْلُولُ النَّصِّ الْمُقَيَّدِ كَانَ حُكْمًا شَرْعِيًّا فَيَثْبُتُ النَّفْيُ بِالنَّصِّ فِي الْمَنْصُوصِ، وَفِي نَظِيرِهِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ.

(وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: ١٠١] فَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُطْلَقَ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ يُوجِبُ التَّغْلِيظَ، وَالْمُسَاءِ كَمَا فِي بَقَرَةِ بَنِي إسْرَائِيلَ (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَبْهِمُوا مَا أَبْهَمَ اللَّهُ، وَاتَّبِعُوا مَا بَيَّنَ اللَّهُ) أَيْ اُتْرُكُوهُ عَلَى إبْهَامِهِ، وَالْمُطْلَقُ مُبْهَمٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُقَيَّدِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ.

(وَعَامَّةُ الصَّحَابَةِ مَا قَيَّدُوا أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ بِالدُّخُولِ الْوَارِدِ فِي الرَّبَائِبِ

ــ

[التلويح]

عَمَّا يُقَالُ إنَّكُمْ حَمَلْتُمْ الْمُطْلَقَ، وَهُوَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَارِدٌ فِي حَادِثَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ، وَالظِّهَارِ حَيْثُ شَرَطْتُمْ التَّتَابُعَ فِي الصَّوْمِ يَعْنِي إنَّمَا حَمَلْنَاهُ عَلَى مُقَيَّدٍ، وَارِدٍ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ، وَهُوَ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَإِنَّهَا مَشْهُورَةٌ بِمِثْلِهَا يُزَادُ عَلَى الْكِتَابِ بِخِلَافِ قِرَاءَةِ أُبَيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ مُتَتَابِعَاتٍ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ فَإِنَّهَا شَاذَّةٌ لَا يُزَادُ بِمِثْلِهَا عَلَى النَّصِّ وَالشَّافِعِيُّ إنَّمَا لَمْ يَشْتَرِطْ التَّتَابُعَ لِأَنَّهُ لَا عَمَلَ عِنْدَهُ بِالْقِرَاءَةِ الْغَيْرِ الْمُتَوَاتِرَةِ مَشْهُورَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَشْهُورَةٍ فَالْمِثَالُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ «صُمْ شَهْرَيْنِ» وَرُوِيَ «شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» .

(قَوْلُهُ: إنَّ الْمُطْلَقَ سَاكِتٌ) احْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَلَوْ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْحَادِثَةِ أَوْ جَرَيَانِ الْإِطْلَاقِ، وَالتَّقْيِيدِ فِي السَّبَبِ بِأَنَّ الْمُطْلَقَ سَاكِتٌ عَنْ ذِكْرِ الْقَيْدِ، وَالْمُقَيَّدُ نَاطِقٌ بِهِ فَيَكُونُ أَوْلَى لِأَنَّ السُّكُوتَ عَدَمٌ، وَجَوَابُهُ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ أَيْ نَعَمْ يَكُونُ أَوْلَى عِنْدَ التَّعَارُضِ كَمَا إذَا دَخَلَا فِي الْحُكْمِ، وَاتَّحَدَتْ الْحَادِثَةُ، وَهَاهُنَا لَا تَعَارُضَ لِإِمْكَانِ الْعَمَلِ بِهِمَا لِلْقَطْعِ بِأَنَّ الشَّارِعَ لَوْ قَالَ أَوْجَبْت فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ إعْتَاقَ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، وَفِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ إعْتَاقَ رَقَبَةٍ كَيْفَ كَانَتْ لَمْ يَكُنْ الْكَلَامَانِ مُتَعَارِضَيْنِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ) فَإِنْ قُلْت الْآيَةُ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّؤَالَ، وَالْبَحْثَ عَنْ الْقُيُودِ وَالْأَوْصَافِ الْغَيْرِ الْمَذْكُورَةِ يُوجِبُ التَّغْلِيظَ وَالْمُسَاءَةَ لَا عَلَى أَنَّ تَقْيِيدَ الْمُطْلَقِ يُوجِبُ ذَلِكَ قُلْتُ إذَا كَانَ الْبَحْثُ عَنْ الْقَيْدِ، وَالِاشْتِغَالُ بِهِ يُوجِبُ ذَلِكَ فَالتَّقْيِيدُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى عَلَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْآيَةِ أَنَّ مُوجِبَ الْمُسَاءَةِ هُوَ تِلْكَ الْقُيُودِ، وَالْأَشْيَاءُ الْمَسْئُولُ عَنْهَا، وَقَدْ يُقَالُ فِي وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ: إنَّ الْوَصْفَ فِي الْمُطْلَقِ مَسْكُوتٌ عَنْهُ، وَالسُّؤَالُ عَنْ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ مَنْهِيٌّ بِهَذَا النَّصِّ، وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ بَلْ الِاسْتِدْلَال بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي هَذَا الْمَطْلُوبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] .

(قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَذَا لَا يَقُومُ حُجَّةً عَلَى الْخَصْمِ) لِأَنَّهُ لَا يُجْعَلُ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ حُجَّةً فِي الْفُرُوعِ فَضْلًا عَنْ الْأُصُولِ.

(قَوْلُهُ: وَعَامَّةُ الصَّحَابَةِ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أُمُّ الْمَرْأَةِ مُبْهَمَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>