للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَابِ حَتَّى لَا يَبْطُلَ بِالْإِفْلَاسِ وَعِنْدَهُمَا يَصِيرُ كَالْحَوَالَةِ) أَيْ: الْأَرْشُ أَصْلٌ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ خَطَأً لَكِنْ الْعَبْدُ لَيْسَ أَهْلًا لَأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الْأَرْشُ لِمَا قُلْنَا أَنَّهُ صِلَةٌ وَلَمَّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَرْشُ لَا يُمْكِنُ تَحَمُّلُ الْعَاقِلَةِ عَنْهُ فَصَارَتْ رَقَبَتُهُ جَزَاءً لَكِنْ لَمَّا اخْتَارَ الْمَوْلَى الْأَرْشَ فِدَاءً عَنْ الْعَبْدِ لِئَلَّا يُفَوِّتَهُ الْعَبْدُ صَارَ وُجُوبُ الْفِدَاءِ عَائِدًا إلَى الْأَصْلِ لَا كَالْحَوَالَةِ حَتَّى إذَا أَفْلَسَ الْمَوْلَى بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَكُونُ كَالْحَوَالَةِ حَتَّى يَعُودَ حَقُّ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ فِي الدَّفْعِ. .

(وَمِنْهَا الْحَيْضُ، وَالنِّفَاسُ وَهُمَا لَا يُعْدِمَانِ الْأَهْلِيَّةَ إلَّا أَنَّ الطَّهَارَةَ عِنْدَهُمَا شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ عَلَى مَا مَرَّ) .

(وَمِنْهَا الْمَرَضُ وَهُوَ لَا يُنَافِي الْأَهْلِيَّةَ لَكِنَّهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعَجْزِ شُرِعَتْ الْعِبَادَاتُ فِيهِ لِلْقُدْرَةِ الْمُمَكِّنَةِ وَلَمَّا كَانَ سَبَبَ الْمَوْتِ وَهُوَ عِلَّةٌ لِلْخِلَافَةِ كَانَ سَبَبَ تَعَلُّقِ الْوَارِثِ وَالْغَرِيمِ فَيُوجِبُ الْحَجْرَ إذَا اتَّصَلَ بِالْمَوْتِ) الضَّمِيرُ فِي، وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى الْمَوْتِ وَالضَّمِيرُ فِي كَانَ، وَفِي يُوجِبُ وَفِي اتَّصَلَ يَعُودُ إلَى الْمَرَضِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَوْتَ عِلَّةٌ لَأَنْ يَقُومَ الْغَيْرُ مَقَامَهُ (مُسْتَنِدًا إلَى أَوَّلِهِ) أَيْ: أَوَّلُ الْمَرَضِ وَهُوَ حَالٌ عَنْ قَوْلِهِ فَيُوجِبُ الْحَجْرَ فَإِنَّ مَرَضَ الْمَوْتِ

ــ

[التلويح]

بَلْ يُرْضَخُ لَهُ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْغَنِيمَةِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْكَرَامَةِ، وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَرْضَخُ لِلْمَمَالِيكِ، وَلَا يُسْهِمُ لَهُمْ» ، وَهَذَا بِخِلَافِ تَنْفِيلِ الْإِمَامِ فَإِنَّ اسْتِحْقَاقَ السَّلَبِ إنَّمَا هُوَ بِالْقَتْلِ أَوْ بِالْإِيجَابِ مِنْ الْإِمَامِ، وَالْعَبْدُ يُسَاوِي الْحُرَّ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَيُنَافِي الْوِلَايَاتِ كُلَّهَا) بِمَنْزِلَةِ التَّفْسِيرِ لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ يُنَافِي كَمَالَ أَهْلِيَّةِ الْوِلَايَةِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مِنْهُ أَنَّ لَهُ وِلَايَةً ضَعِيفَةً كَالذِّمَّةِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ أَمَانُ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ؛ لِأَنَّ أَمَانَهُ تَصَرُّفٌ عَلَى النَّاسِ ابْتِدَاءً بِإِسْقَاطِ حُقُوقِهِمْ فِي أَمْوَالِ الْكُفَّارِ، وَأَنْفُسِهِمْ اغْتِنَامًا، وَاسْتِرْقَاقًا، وَالتَّصَرُّفُ عَلَى الْغَيْرِ وِلَايَةٌ بِخِلَافِ أَمَانِ الْمَأْذُونِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ بِوَاسِطَةِ الْإِذْنِ صَارَ شَرِيكًا لِلْغُزَاةِ فِي الْغَنِيمَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إنْسَانٌ مُخَاطَبٌ يَسْتَحِقُّ الرَّضْخَ إلَّا أَنَّ الْمَوْلَى يَخْلُفُهُ فِي الْمِلْكِ الْمُسْتَحَقِّ كَمَا فِي سَائِرِ أَكْسَابِهِ فَإِذَا أَمِنَ الْكَافِرُ فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّ نَفْسِهِ فِي الْغَنِيمَةِ أَعْنِي: الرَّضْخَ فَصَحَّ فِي حَقِّهِ أَوَّلَا ثُمَّ تَعَدَّى إلَى الْغَيْرِ، وَلَزِمَ سُقُوطُ حُقُوقِهِمْ؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ لَا تَتَجَزَّأُ فِي حَقِّ الثُّبُوتِ، وَالسُّقُوطِ، وَهَذَا كَمَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ بِهِلَالِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ ابْتِدَاءً ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى الْغَيْرِ ضَرُورَةً، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ ضَرُورَةِ الْوِلَايَةِ فَإِنْ قِيلَ: فَالْمَحْجُورُ أَيْضًا يَسْتَحِقُّ الرَّضْخَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ أَمَانُهُ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَحْجُورَ يَسْتَحِقُّ الرَّضْخَ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَنْ الِاكْتِسَابِ، وَعَمَّا هُوَ نَفْعٌ مَحْضٌ فَإِذَا فَرَغَ عَنْ الْقِتَالِ سَالِمًا، وَزَالَ ضَرَرُ الْمَوْلَى، وَأُصِيبَتْ الْغَنِيمَةُ ثَبَتَ الْإِذْنُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>