للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْحَجِّ) إنَّ مَنَافِعَهُ مِلْكُ الْمَوْلَى إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ، فَلَا يَسْتَحِقُّ السَّهْمَ الْكَامِلَ (وَيُنَافِي الْوِلَايَاتِ كُلَّهَا فَلَا يَصْلُحُ أَمَانُ الْمَحْجُورِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ عَلَى النَّاسِ ابْتِدَاءً وَأَمَّا أَمَانُ الْمَأْذُونِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَوَّلًا فِي حَقِّهِ إذْ هُوَ شَرِيكٌ فِي الْغَنِيمَةِ ثُمَّ يَتَعَدَّى كَمَا فِي شَهَادَتِهِ بِهِلَالِ رَمَضَانَ) فَإِنَّ صَوْمَ رَمَضَانِ يَثْبُتُ أَوَّلًا فِي حَقِّهِ ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى كَافَّةِ النَّاسِ، وَلَا تُشْتَرَطُ الْوِلَايَةُ لِمِثْلِ هَذَا (وَيُنَافِي ضَمَانَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ، فَلَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ بَلْ يَجِبُ دَفْعُهُ جَزَاءً) أَيْ: لَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ ضَمَانُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ صِلَةٌ وَالْعَبْدُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لَهَا حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمَحَارِمِ فَلَا يَجِبُ الدِّيَةُ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ خَطَأً؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ صِلَةٌ فِي حَقِّ الْجَانِي كَأَنَّهُ يَهَبُ ابْتِدَاءً وَعُوِّضَ فِي حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَكَوْنُ الْمُتْلَفِ غَيْرَ مَالٍ يُنَافِي الْوُجُوبَ عَلَى الْعَبْدِ، وَكَوْنُ الدَّمِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُهْدَرَ يُوجِبُ الْحَقَّ لِلْمُتْلَفِ عَلَيْهِ فَصَارَتْ رَقَبَتُهُ جَزَاءً (إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ، فَيَصِيرَ الْوُجُوبُ عَائِدًا إلَى الْأَصْلِ فَإِنَّ الْأَرْشَ أَصْلٌ فِي

ــ

[التلويح]

كَالْوَكِيلِ إذْ الْوَكَالَةُ لَا تَثْبُتُ إلَّا فِيمَا وُكِّلَ بِهِ، وَالْإِذْنُ يَعُمُّ، وَإِنَّمَا قَالَ فِي حَالِ مَرَضِ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ صِحَّةِ الْمَوْلَى لَيْسَ كَالْوَكِيلِ إذْ يَصِحُّ مِنْهُ الْمُحَابَاةُ الْفَاحِشَةُ، وَلَا تَصِحُّ مِنْ الْوَكِيلِ، وَإِنَّمَا قَالَ عَامَّةُ مَسَائِلِ الْمَأْذُونِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَالْوَكِيلِ فِي مَسْأَلَةِ التَّوْكِيلِ بِالِاشْتِرَاءِ إذَا اشْتَرَى بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْ الْمَأْذُونِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْوَكِيلِ، وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلِذَلِكَ أَيْ: وَلِأَنَّ الْمَوْلَى خَلَفٌ عَنْ الْعَبْدِ فِي مِلْكِ الرَّقَبَةِ جَعَلْنَا الْعَبْدَ فِي حُكْمِ الْمِلْكِ، وَفِي حُكْمِ بَقَاءِ الْإِذْنِ كَالْوَكِيلِ فِي مَسَائِلِ مَرَضِ الْمَوْلَى، وَعَامَّةِ مَسَائِلِ الْمَأْذُونِ يَعْنِي: يَكُونُ لِلْمَوْلَى حَجْرُ الْمَأْذُونِ بِدُونِ رِضَاهُ كَمَا أَنَّ لَهُ عَزْلَ الْوَكِيلِ بِدُونِ رِضَاهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ كَالْوَكِيلِ فِي حُكْمِ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ إذْ لَيْسَ لِلْمَوْلَى عَزْلُهُ بِدُونِ تَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: الرَّقِيقُ مَعْصُومُ الدَّمِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ بِالْإِتْلَافِ حَقًّا لَهُ، وَلِصَاحِبِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ: نَوْعَانِ مُؤَثِّمَةٌ تُوجِبُ الْإِثْمَ فَقَطْ عَلَى تَقْدِيرِ التَّعَرُّضِ لِلدَّمِ، وَهِيَ بِالْإِسْلَامِ، وَمُقَوِّمَةٌ تُوجِبُ مَعَ الْإِثْمِ الضَّمَانَ أَيْ: الْقِصَاصَ أَوْ الدِّيَةَ، وَهِيَ بِالْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ، وَالْعَبْدُ يُسَاوِي الْحُرَّ فِي الْأَمْرَيْنِ فَيُسَاوِيهِ فِي الْعِصْمَتَيْنِ فَيُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ قِصَاصًا؛ لِأَنَّ مَبْنَى الضَّمَانِ عَلَى الْعِصْمَتَيْنِ، وَالْمَالِيَّةُ لَا تُخِلُّ بِهِمَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْقِصَاصُ مُنْبِئٌ عَنْ الْمُمَاثَلَةِ، وَالْمُسَاوَاةِ، وَمَبْنِيٌّ عَلَى الْكَرَامَاتِ الْبَشَرِيَّةِ، وَالْمَالِيَّةُ تُخِلُّ بِذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ:، وَالرِّقُّ يُوجِبُ نُقْصَانًا فِي الْجِهَادِ) ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي مَالِكِيَّةَ مَنَافِعِ الْبَدَنِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ الصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْقِتَالُ بِدُونِ إذْنِ الْمَوْلَى، وَإِذَا قَاتَلَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ السَّهْمَ الْكَامِلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>