للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ لَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ فَهُوَ فِي حَالِ مَرَضِ الْمَوْلَى كَالْوَكِيلِ وَلَوْ كَانَ هَذَا التَّصَرُّفُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ يَصِحُّ، وَيُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ فَفِي حَالِ صِحَّةِ الْمَوْلَى لَيْسَ كَالْوَكِيلِ وَأَمَّا عَامَّةُ مَسَائِلِ الْمَأْذُونِ فَكَمَا إذَا أَذِنَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ، وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَبْدًا اشْتَرَاهُ مِنْ كَسْبِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ حَجَرَ الْمَوْلَى الْمَأْذُونَ الْأَوَّلَ لَا يَنْحَجِرُ الثَّانِي بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ، وَعَزَلَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ لَمْ يَنْعَزِلْ الثَّانِي، وَكَذَا إذَا مَاتَ الْمَأْذُونُ الْأَوَّلُ لَا يَنْحَجِرُ الثَّانِي كَالْوَكِيلِ إذَا مَاتَ، وَإِنَّمَا قَالَ فِي بَقَاءِ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ ابْتِدَاءِ الْإِذْنِ لَيْسَ كَالْوَكِيلِ عِنْدَنَا، فَإِنَّ الْوَكِيلَ لَا يَثْبُتُ لَهُ التَّصَرُّفُ إلَّا فِيمَا وُكِّلَ بِهِ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ لَكِنْ فِي بَقَاءِ الْإِذْنِ هُوَ (كَالْوَكِيلِ وَهُوَ مَعْصُومُ الدَّمِ كَالْحُرِّ؛ لِأَنَّهَا) أَيْ: الْعِصْمَةَ وَقَدْ فُهِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ مَعْصُومُ الدَّمِ (بِنَاءً عَلَى الْإِسْلَامِ وَدَارِهِ فَيُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ، وَالرِّقُّ يُوجِبُ نُقْصَانًا فِي الْجِهَادِ عَلَى مَا قُلْنَا

ــ

[التلويح]

وَإِذَا كَانَ أَهْلًا لِلتَّكَلُّمِ، وَالذِّمَّةِ صَحَّ أَنْ يَلْتَزِمَ شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ، فَيَجِبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ طَرِيقٌ إلَى قَضَائِهِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ اللَّازِمِ مِنْ أَهْلِيَّةِ الْإِيجَابِ فِي الذِّمَّةِ بِدُونِ أَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ، وَأَدْنَى طُرُقِ الْقَضَاءِ مِلْكُ الْيَدِ، فَيَلْزَمُ ثُبُوتُهُ لِلْعَبْدِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ فَإِنْ قِيلَ: الرَّقِيقُ مَمْلُوكٌ فَلَا يَكُونُ مَالِكًا لَا يَدًا، وَلَا رَقَبَةً أُجِيبَ بِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ مَالًا فَلَا يَكُونُ مَالِكًا مَالًا، وَالْيَدُ لَيْسَتْ بِمَالٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَيَوَانَ يَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ بِمُقَابَلَةِ الْيَدِ كَمَا فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ، وَمِثْلُهُ فِي النِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ فَلَا يَثْبُتُ بِمُقَابَلَةِ الْمَالِ كَمَا فِي الْبَيْعِ فَإِنْ قِيلَ: مِلْكُ الرَّقَبَةِ حُكْمٌ لِلتَّصَرُّفِ، وَمُسَبَّبٌ عَنْهُ فَإِذَا كَانَ تَصَرُّفُ الْعَبْدِ يَقَعُ لِنَفْسِهِ فَكَيْفَ يَقَعُ مِلْكُ الرَّقَبَةِ لِلْمَوْلَى؟ أُجِيبَ بِأَنَّ التَّصَرُّفَ يَنْعَقِدُ لِلْعَبْدِ، فَيَكُونُ حُكْمُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ نَتِيجَةُ تَصَرُّفِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَبْقَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ بَعْدَمَا أُوقِعَ الْمِلْكُ لَهُ اسْتَحَقَّهُ الْمَوْلَى بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ عَنْ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ مَالِكَ رَقَبَتِهِ فَالْمَوْلَى إنَّمَا يَتَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ كَالْوَارِثِ مَعَ الْمُوَرِّثِ فَلِذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ دَيْنَ الْعَبْدِ يَمْنَعُ مِلْكَ الْمَوْلَى فِي كَسْبِهِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ الْإِذْنَ فَكُّ الْحَجْرِ، وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَظْهَرُ مَالِكِيَّةُ الْعَبْدِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي مَالِ غَيْرِهِ، فَيَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ مِنْ جِهَتِهِ، وَحُكْمُ التَّصَرُّفِ، وَهُوَ الْمِلْكُ وَاقِعٌ لِلْعَبْدِ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَالنَّفَقَةِ، وَمَا اسْتَغْنَى عَنْهُ يَخْلُفُهُ الْمَالِكُ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَنَّ الْمَأْذُونَ كَالْوَكِيلِ فِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا يَقَعُ الْمِلْكُ لِلْمَوْلَى كَمَا يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ يَعْنِي: أَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ لِلْمَوْلَى مَالًا كَمَا يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِي بَقَاءِ الْإِذْنِ فَمَعْنَاهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمَأْذُونَ كَالْوَكِيلِ فِي حَالِ بَقَاءِ الْإِذْنِ فِي مَسَائِلِ مَرَضِ الْمَوْلَى، وَعَامَّةِ مَسَائِلِ الْمَأْذُونِ حَتَّى يَكُونَ تَصَرُّفُهُ كَتَصَرُّفِهِ يَصِحُّ فِيمَا يَصِحُّ، وَيَبْطُلُ فِيمَا يَبْطُلُ، وَإِنَّمَا قَالَ فِي حَالِ بَقَاءِ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ ابْتِدَاءِ الْإِذْنِ لَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>