الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْجَهْلِ (كَالْجَهْلِ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ الصَّحِيحِ) أَيْ: غَيْرِ مُخَالِفٍ لِلْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ (أَوْ فِي مَوْضِعِ الشُّبْهَةِ كَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ بِلَا وُضُوءٍ ثُمَّ الْعَصْرَ بِهِ) أَيْ: بِالْوُضُوءِ زَاعِمًا صِحَّةَ ظُهْرِهِ (ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ بِلَا وُضُوءٍ) ثُمَّ قَضَى الظُّهْرَ (بِنَاءً عَلَى هَذَا التَّذَكُّرِ) ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْعَصْرَ جَائِزٌ بِنَاءً عَلَى جَهْلِهِ بِفَرْضِيَّةِ التَّرْتِيبِ (يَصِحُّ الْمَغْرِبُ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ مُجْتَهَدٌ فِيهِ) فَلَا يَضُرُّ جَهْلُهُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ كَمَا يَجِبُ قَضَاءُ الْعَصْرِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ أَدَّاهُ زَاعِمًا صِحَّةَ ظُهْرِهِ وَهَذَا زَعْمٌ بِخِلَافِ الْإِجْمَاعِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجِبُ قَضَاءُ الْعَصْرِ لِعَدَمِ فَرْضِيَّةِ التَّرْتِيبِ عِنْدَهُ هَذَا إذَا كَانَ يَزْعُمُ وَقْتَ أَدَاءِ الْمَغْرِبِ أَنَّ عَصْرَهُ جَائِزٌ أَمَّا لَوْ عَلِمَ وَقْتَ أَدَاءِ الْمَغْرِبِ أَنَّ عَصْرَهُ لَمْ يَجُزْ كَانَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ كَمَا يَجِبُ قَضَاءُ الْعَصْرِ (وَإِنْ لَمْ يَقْضِ الظُّهْرَ وَصَلَّى الْعَصْرَ بِنَاءً عَلَى ظَنِّ أَنَّ الظُّهْرَ جَائِزٌ) أَيْ: صَلَّى الظُّهْرَ بِلَا وُضُوءٍ ثُمَّ الْعَصْرَ بِوُضُوءٍ زَاعِمًا صِحَّةَ الظُّهْرِ، وَلَمْ يَقْضِ الظُّهْرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِعَدَمِ الْوُضُوءِ فَإِنَّ مَنْ صَلَّى صَلَاةً بِغَيْرِ وُضُوءٍ جَاهِلًا أَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَصَلَّى فَرْضًا آخَرَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَالْفَرْضُ الثَّانِي غَيْرُ صَحِيحٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ خِلَافًا لِحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ فَإِنَّ عِنْدَهُ إنَّمَا يَجِبُ رِعَايَةُ التَّرْتِيبِ عَلَى مَنْ يَعْلَمُهُ، وَأَيْضًا فِيهِ خِلَافُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنَّهُ يَقُولُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ أَنَّ الْفَرْضَ الْأَوَّلَ يُجْزِيهِ فَهُوَ فِي مَعْنَى النَّاسِي لِلْفَائِتَةِ فَيُجْزِيهِ الْفَرْضُ الثَّانِي (لَمْ يَصِحَّ الْعَصْرُ) أَيْ: صَلَّى الظُّهْرَ بِلَا وُضُوءٍ ثُمَّ الْعَصْرَ بِوُضُوءٍ زَاعِمًا صِحَّةَ الظُّهْرِ وَلَمْ يَقْضِ الظُّهْرَ لَمْ يَصِحَّ الْعَصْرُ؛ لِأَنَّ زَعْمَهُ مُخَالِفٌ (لِلْإِجْمَاعِ، وَالْمَسْأَلَةُ الْمُسْتَشْهَدُ بِهَا هِيَ الْأُولَى لَا الثَّانِيَةُ وَإِذَا عَفَا أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ ثُمَّ اقْتَصَّ الْآخَرُ
ــ
[التلويح]
فِي عَامَّةِ التَّفَاسِيرِ أَنَّهَا نَزَلَتْ حِينَ نُزُولِ آيَةِ التَّوَجُّهِ إلَى الْكَعْبَةِ فَقَالُوا: كَيْفَ مَنْ مَاتَ قَبْلَ التَّحْوِيلِ مِنْ إخْوَانِنَا؟ .
(قَوْلُهُ: وَقِصَّةُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ) هِيَ أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ كَانُوا فِي سَفَرٍ فَشَرِبُوا الْخَمْرَ بَعْدَ التَّحْرِيمِ لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِحُرْمَتِهَا فَنَزَلَ {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} [المائدة: ٩٣] ، وَعَنْ ابْنِ كَيْسَانَ «أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، وَالْمَيْسِرِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ مَاتُوا، وَقَدْ شَرِبُوا الْخَمْرَ، وَأَكَلُوا الْمَيْسِرَ، وَكَيْفَ بِالْغَائِبِينَ عَنَّا فِي الْبُلْدَانِ لَا يَشْعُرُونَ بِتَحْرِيمِهَا، وَهُمْ يَطْعَمُونَهَا فَنَزَلَتْ» .
(قَوْلُهُ: وَالْبِكْرُ) أَيْ:، وَكَجَهْلِ الْبِكْرِ بِالنِّكَاحِ فِيمَا إذَا زَوَّجَهَا، وَلِيٌّ غَيْرِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ مِنْ الْكُفْءِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ زَوَّجَهَا الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ مِنْ غَيْرِ الْكُفْءِ أَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ عُذْرًا حَتَّى يَكُونَ لَهَا الْفَسْخُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالنِّكَاحِ، وَأَمَّا إذَا زَوَّجَهَا الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ مِنْ الْكُفْءِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْفَسْخُ لِكَمَالِ النَّظَرِ، وَوُفُورِ الشَّفَقَةِ، وَلَوْ زَوَّجَهَا غَيْرُ الْأَبِ، وَالْجَدِّ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ أَوْ بِغَبْنٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute