للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْإِسْلَامَ جَامِعٌ) أَيْ: بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَاغِي، فَيَكُونُ سَبَبُ الْإِرْثِ مَوْجُودًا (وَالْقَتْلُ حَقٌّ) فَلَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ الْإِرْثِ (وَكَذَا إنْ قَتَلَ عَادِلًا) أَيْ: لَا يُحْرَمُ الْبَاغِي الْإِرْثَ إنْ قَتَلَ عَادِلًا (لِأَنَّهُ حَقٌّ فِي زَعْمِهِ وَوِلَايَتُنَا مُنْقَطِعَةٌ عَنْهُ وَلَمَّا كَانَ الدَّارُ وَاحِدَةً وَالدِّيَانَةُ مُخْتَلِفَةً تَثْبُتُ الْعِصْمَةُ مِنْ وَجْهٍ فَلَا نَمْلِكُ مَالَهُ لَكِنْ لَا نَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ) كَمَا فِي غَصْبِ مَالٍ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ فَإِنَّ الْغَاصِبَ لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ، وَأَمَّا إذَا أَتْلَفَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْكَسْ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَالَهُ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَالَهُ مَعَ التَّنَاقُضِ (وَكَجَهْلِ مَنْ خَالَفَ فِي اجْتِهَادِهِ الْكِتَابَ كَمَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا) فَإِنَّ فِيهِ مُخَالَفَةَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] (وَالْقَضَاءِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ) أَيْ: يَمِينِ الْمُدَّعِي فَإِنَّ فِيهِ مُخَالَفَةَ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: ٢٨٢] (أَوْ السُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ كَالتَّحْلِيلِ بِدُونِ الْوَطْءِ) عَلَى مَذْهَبِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَإِنَّ فِيهِ مُخَالَفَةَ حَدِيثِ الْعُسَيْلَةِ (وَالْقِصَاصِ فِي مَسْأَلَةِ الْقَسَامَةِ) فَإِنَّهُ إنْ وُجِدَ لَوْثٌ أَيْ: عَلَامَةُ الْقَتْلِ اُسْتُحْلِفَ الْأَوْلِيَاءُ خَمْسِينَ يَمِينًا عَمْدًا كَانَتْ الدَّعْوَى أَوْ خَطَأً، وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا عِنْدَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُقْضَى بِالْقَوَدِ إنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَمْدِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِيهِ خِلَافُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» ، وَهَذَا وَحَدِيثُ الْعُسَيْلَةِ مِنْ الْمَشَاهِيرِ (أَوْ الْإِجْمَاعِ كَبَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ) فَإِنَّ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ انْعَقَدَ عَلَى بُطْلَانِهِ (حَتَّى لَا يَنْفُذَ قَضَاءُ الْقَاضِي فِيهِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَوَّلِ الْبَحْثِ، وَهُوَ أَنَّ الْجَهْلَ لَيْسَ بِعُذْرٍ حَتَّى إنْ قَضَى الْقَاضِي فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ (، وَأَمَّا جَهْلٌ يَصْلُحُ شُبْهَةً) عَطْفٌ عَلَى النَّوْعَيْنِ

ــ

[التلويح]

مِلْكُ الْجُزْءِ أَوْ حَلَالٌ لَهُ فَهَذَا شُبْهَةُ اشْتِبَاهٍ أَعْنِي: الشُّبْهَةَ فِي الْفِعْلِ، وَهِيَ أَنْ يَظُنَّ مَا لَيْسَ بِدَلِيلِ الْحِلِّ دَلِيلًا، فَيَظُنُّ الْحِلَّ، فَيَسْقُطُ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ لَكِنْ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَلَا تَجِبُ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ قَدْ تَمَحَّضَ زِنًا بِخِلَافِ شُبْهَةِ الْحِلِّ، وَتُسَمَّى شُبْهَةَ الدَّلِيلِ، وَهِيَ أَنْ يُوجَدَ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ النَّافِي لِلْحُرْمَةِ لَكِنْ تَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْهُ لِمَانِعٍ كَمَا إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ الِابْنِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْحَدُّ، وَيَثْبُتُ النَّسَبُ، وَالْعِدَّةُ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يَتَمَحَّضْ زِنًا نَظَرًا إلَى الدَّلِيلِ أَعْنِي: قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» ، وَأَمَّا شُبْهَةُ جَارِيَةِ الْأَخِ أَوْ الْأُخْتِ فَلَيْسَتْ مَحَلًّا لِلِاشْتِبَاهِ لَا شُبْهَةَ فِعْلٍ، وَلَا شُبْهَةَ مَحَلٍّ فَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا جَهْلٌ يَصْلُحُ عُذْرًا) كَمَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَجَهْلُهُ بِالْأَحْكَامِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ يَكُونُ عُذْرًا لَهُ فِي التَّرْكِ حَتَّى لَا يَجِبَ بَعْدَ الْمُهَاجَرَةِ قَضَاءُ مُدَّةِ اللُّبْثِ فِي دَارِ الْكُفْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ الْخِطَابِ حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا بِشُهْرَتِهِ فِي مَحَلِّهِ.

(قَوْلُهُ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: ١٤٣] الْمَذْكُورُ

<<  <  ج: ص:  >  >>