للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْإِبْطَالِ فَيُضَاعَفُ إذْ هِيَ فِي حَقِّهِ مَشْرُوعٌ فِي الْجُمْلَةِ (وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْقَلِبُ خَرَاجًا إذْ التَّضْعِيفُ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ مَعَ إمْكَانِ الْأَصْلِ) ، وَهُوَ الْخَرَاجُ؛ لِأَنَّ التَّضْعِيفَ ثَبَتَ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فِي قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الطَّائِفَةَ كُفَّارٌ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْكُفَّارِ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ فَلَا يَكُونُونَ فِي حُكْمِهِمْ (وَحَقٌّ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ) أَيْ لَا يَجِبُ فِي ذِمَّةِ أَحَدٍ (كَخُمْسِ الْغَنَائِمِ، وَالْمَعَادِنِ، وَعُقُوبَاتٌ كَامِلَةٌ كَالْحُدُودِ، وَقَاصِرَةٌ كَحِرْمَانِ الْمِيرَاثِ بِالْقَتْلِ فَلَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِالتَّقْصِيرِ وَالْبَالِغُ الْخَاطِئُ مُقَصِّرٌ فَلَزِمَهُ الْجَزَاءُ الْقَاصِرُ وَلَا فِي الْقَتْلِ بِسَبَبٍ) أَيْ لَا يَثْبُتُ حِرْمَانُ

ــ

[التلويح]

مِلْكِهِ فَوَقَعَ فِيهَا مُوَرِّثُهُ، وَهَلَكَ أَوْ شَهِدَ عَلَى مُوَرِّثِهِ بِالْقَتْلِ فَقُتِلَ ثُمَّ رَجَعَ هُوَ عَنْ شَهَادَتِهِ فَإِنَّ السَّبَبَ لَيْسَ بِقَتْلٍ حَقِيقَةً، وَإِطْلَاقُ السَّبَبِ عَلَى الْحَفْرِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي مَعْنَى السَّبَبِ أَيْ الْعِلَّةِ فَإِنْ قِيلَ: قَدْ ثَبَتَ الْحِرْمَانُ بِدُونِ التَّقْصِيرِ كَمَنْ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ خَطَأً فَالْجَوَابُ أَنَّ الْبَالِغَ الْخَاطِئَ يُوصَفُ بِالتَّقْصِيرِ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ الْخِطَابِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَعَ حُكْمَ الْخَطَأِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ تَفَضُّلًا مِنْهُ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ فِي الْقَتْلِ لِعِظَمِ خَطَرِ الدَّمِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْكَفَّارَاتِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ضَمَانُ الْمُتْلَفِ، وَلَا فَرْقَ فِي التَّلَفِ بَيْنَ الْمُبَاشَرَةِ، وَالتَّسَبُّبِ، وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ ضَمَانَ الْمُتْلَفِ لَا يَصِحُّ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ أَنْ يَلْحَقَهُ خُسْرَانٌ مُحْتَاجٌ إلَى جَبْرِهِ بَلْ الضَّمَانُ فِي حُقُوقِهِ جَزَاءٌ لِلْفِعْلِ قَتْلُ الْمُرَادِ بِالْمُتْلَفِ هُوَ الْحَقُّ الثَّابِتُ لِصَاحِبِ الشَّرْعِ الْفَائِتِ بِفِعْلٍ يُضَادُّهُ كَالِاسْتِعْبَادِ الْفَائِتِ بِالْقَتْلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُتْلَفِ هُوَ الْمَحَلُّ أَمَّا فِي الْقَتْلِ فَلِأَنَّ ضَمَانَهُ الدِّيَةُ أَوْ الْقِصَاصُ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْعِبَادَةُ غَالِبَةٌ فِي الْكَفَّارَاتِ لِأَنَّهَا صَوْمٌ أَوْ إعْتَاقٌ أَوْ صَدَقَةٌ يُؤْمَرُ بِهَا بِطَرِيقِ الْفَتْوَى دُونَ الْجَبْرِ، وَاسْتَثْنَى الْقَوْمُ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ كَفَّارَةَ الْفِطْرِ فَإِنَّ جِهَةَ الْعُقُوبَةِ فِيهَا غَالِبَةٌ مُتَمَسِّكِينَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُظَاهِرِ» فَذَهَبَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَنَّهُمْ لَمَّا جَعَلُوا التَّشْبِيهَ بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ دَلِيلًا عَلَى كَوْنِ جِهَةِ الْعُقُوبَةِ غَالِبَةً لَزِمَ أَنْ تَكُونَ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ أَيْضًا كَذَلِكَ ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الظِّهَارَ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ فَتَكُونُ جِهَةُ الْجِنَايَةِ غَالِبَةً فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ فِي جَزَائِهَا جِهَةُ الْعُقُوبَةِ غَالِبَةً، وَهَذَا فَاسِدٌ نَقْلًا وَحُكْمًا وَاسْتِدْلَالًا أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ السَّلَفَ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ جِهَةَ الْعِبَادَةِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ غَالِبَةٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ مِنْ حُكْمِ مَا تَكُونُ الْعُقُوبَةُ فِيهِ غَالِبَةٌ أَنْ يَسْقُطَ، وَيَتَدَاخَلَ كَكَفَّارَةِ الصَّوْمِ حَتَّى لَوْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ مِرَارًا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَذَا فِي رَمَضَانَيْنِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ، وَلَا تَدْخُلُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ حَتَّى لَوْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، أَوْ مَجَالِسَ مُتَفَرِّقَةٍ لَزِمَهُ بِكُلِّ إظْهَارٍ كَفَّارَةٌ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِأَنَّ كَوْنَ الظِّهَارِ مُنْكَرَ الْقَوْلِ وَزُورًا

<<  <  ج: ص:  >  >>