للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنَّ مما يغري - أيضًا - بالحِرْصِ على أن يكون المرء من أهل العلْمِ الوقوفَ على سيرة العلماء المَاجِدة، ولا سيّما أولئك الذين أَقبلُوا علي طَلَبِه احتسَابًا بقلب مفتوحٍ فلم يتخذوا من طلبه منهاج التكرار لما جاء

عن سلفهم بل اتخذوا منهجا نقديًّا يستثمر عَلِيَّ القول وكريمَه ويضِيفُ إليه؛ لما جاءت به الحكمة النبويّة الجليلةُ:

روى "التّرمزِيُّ - رضي الله عنهم - بسنده عن حذيفة - رضي الله عنهم - قال: قَالَ رسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا:

" لاَ تَكُونُوا إِمَّعَة:

تَقولُون:إنْ أحسنَ النّاسُ أَحْسَنَّا، وإنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، ولكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وإنْ أَسَاءُوا فَلا تَظْلِمُوا "

(صحيح الترمزي: كتاب: البر - حديث:٢٠٠٧)

العلماءُ هُمْ أقدرُ الأمَّة على التأدّب بهذِه الحِكْمَة النَّبويَّة المُغْرِيَةِ بمنهج نقدي لكل ما تجري به حركة الحياة، وهو منهج لا يقتدرُ عليه إلاَّ من كان طيّبَ المَنْبَتِ والمَرْعَى سامي الغاية يرى الدنيا كما هي عند خالقها، فلا يجعلها في قلبه فوق حقيقتها، فهو يَعْجَبُ لِمَنْ يُغْرِي بِها عالمًا، وقد جعله ربّه - عز وجل - وارث نبوةٍ،لا وارثَ ملك يزول،ويعجبُ أكثر ممن ينتسب إلى أهل العِلْم ويتطلع إلى ما تلّوح به يد السّلطان من لُعضاعضة الدّنيَا.

و" برهان الدين البقاعيّ " فيما أحسب - ولا أذكي على الله - عز وجل - أحدًا -واحدٌ منْ أؤلئك العلماء المجاهدين في طلبهم العلم وتعليمه ونشر أسفاره النافعة في الأمة.

قدَّم لأمّته كثيرًا من أسفار العلم النافع، فرغبتُ في أن أُطلِعَ طُلاَّبَ العلمِ على شيءٍ من جهاده.

<<  <   >  >>