وأمَّا تقديمها في " آل عمران" مع ذكر البعث للمؤمنين فلاقتضاء الحال المعاتبة على الإقبال على الغنائم الذي كان سبب الهزيمة لكونها إقبالا على الدّنيا التي هي أمّ الأدناس" (١)
- - -
متشابه النظم وتأويله عند "البقاعيّ" في صحبة السياق والمقصود باب وسيع جدير بأن يكون مناط دراسة قائمة له لتقوم بنزيرٍ من حقّه، وفيما أشرت إليه ما يهدي إلى ذلك المعلم من معالم منهاج "البقاعيِّ" في تأويل البيان القرآنيّ الحكيم
المعلم الحادي عشر.
[التوجيه البياني للقراءات القرآنية]
كان من فضل اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ على عباده أن لم ينزل كتابه على وجه واحد من وجوه الترتيل التي يستنبط منها معانى الهدى، بل جاء التنزيل بوجوه عدَّة، كما هدت إلي ذلك السنة المطهَّرة:
"إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه"
(الشيخان: البخاري كتاب: فضائل القرآن، و "مسلم" كتاب: المسافرين ـ والنص له حديث٠رقم:٢٧٠/٨١٨)
وفي الباب نفسه روى مسلم عن أبي بن كعب أن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِه وَصَحْبِهِ وسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثيرًا كان عند أضاة بني غفار قال: فأتاه جبريل عليه السلام، فقال ".... إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا (حديث:٢٧٤/٨٢١)
أن في تعدد هذه القراءات فيضًا من رحمة التخفيف على هذه الأمة، وهو تخفيف غير مقصور على الأداء والتلاوة، وإن كان هذا أظهرها بل هو تخفيف في التكليف القائم من معانى الهدى المستنبطة من تلك القراءات فمن قرأ بحرف واستنبط منه معانى الهدى استنباطًا صحيحًا على وفق الأصول العلمية للاستنباط، فقد أصاب فكلها كافٍ شافٍ والحمد لله رب العالمين.