تعدد صور الأداء ليس تعدد عقيما من المقاصد التى نزل القرآن لها: إنباء العباد بمعاني الهدي التى يريدها الحق - عز وجل - بل كل صورة من صور الأداء المتواتر ذات عطاء من ضروب هذه المعاني المتكاثرة والتي لاتخلق على كثرة الرد، ومن ثم كان من التعبد الاستماع إلى القرآن الكريم
فقد شرط لتحقق الرحمة شرطين: الاستماع والإنصات معا: الاستماع بالقاء السمع والاجتهاد في عدم التشاغل بشاعل كما تلوّح به صيغة الافتعال (استمعوا) والإنصات وهو ترك الكلام بالكلية حتى لايكون في أدنى صور الكلام ما شغل عن التلقى لما في الاستماع إليه من لطيف المعانى التى قد لايتمكن المرء من إدراكها إذا ما شغله شاغل من كلام وإن استمع معه.
وإذا ماكانت صور الأداء توقيفية فإن في كل صورة قامت في موضعها وسياقها ما يجعلها ذات تناسب وتناسج وتأخ وتناغ مع السياق الذي قامت فيه،وهذا ما يجعل الروايات تتعدد في أداء كلمة قرآنية في سياق بينما الكلمة نفسها في سياق آخر لاترد فيها إلا رواية واحدة مما دلَّ على أن السياق والقصد لهما علاقة وثيقة بتعدد صور الأداء أو توحدها، وهذا ما أرغب إلي النظر في تأويل البقاعي لمثل هذه الوجوه.
*****
من صور الأداء الإدغام والفك لكلمة ما من كلمات القرآن المجيد فالإدغام ذو وجه صوتي ماثل في إدخال صوت حرف في صوت حرف آخر، والفكّ مقابله
وعجيب أن يكون في صورة وأداء لفظ " الفك" إدغام فهذه المفارقة كأنَّ فيه إلاحة إلى أنه وإن كان الفك هو الأصل فإن الاعتداد بما يقتضيه التناسب الصوتي في هذا الذي هو أساس عظيم من أسس التناسب القرآني الكريم....