مجمل الأمرأن النظم الترتيبي في بناء الآية القائم على العلاقات السياقية بين الجمل يفتقر متدبره إلى مزيد من اللقانة ورهاقة الحس ونفوذ الذوق والقدرة على استبصار منابع الماء وإلى أن تكون معرفته معرفة الصَّنع الحاذقِ الذي يعلمُ كلّ خيط من الإبريسم الذي في الديباج، وكلَّ قطعة من القطع المنجورة في الباب المقطّع وكلّ آجرة من الآجر الذي في البناء البديع، كما يقول الإمام عبد القاهر. ...
المعلم التاسع.
[تدبر النظم التركيبي لبناء الجملة]
أشرت قبل إلى أنّ النظم عند " البقاعيّ" نوعان:
نظم ترتيبيّ أضيق مجالاته أن يكون بين الجمل النحوية وهي تشكل بناء الآية القرآنية وتكون العلائق بين هذه الجمل علائق سياقية وليست علائق إعرابية ذات معايير نحوية، وقد نظرت في موقف البقاعيّ من تأويل ذلك النمط من النظم، ومَنْزِلَهُ في الإعجاز البيانيّ للقرآن الكريم.
ونظم تركيبي يكون بين عناصر بناء الجملة النحوية أساسه العلائق النحوية بين مكونات الجملة.
ومن البين أن الجملة النحوية وإن امتدت وتكاثرت عناصرها وتنوعت فكانت ألفاظا وكانت جُملا في قوة المفرد (لها محل من الإعراب) إنِّما أساس العلائق علاقة الاسناد القائم بين مسند ومسند إليه ثُم يبنى على تلك العلاقة الإسنادية الأم علائق أخرى كمثل علاقة التبعية أو علاقة التضايف أو التعلق ...
بعضُ الآيات القرآنية وإن تكونت من جمل عدة، فإنك إذا نظرت في هذه الآية رأيت العلائق بين جملها علائق نحوية، بل إنّ بعض السّور ليست إلاَّ جملة نحوية تحتضن في سياقها جملا صغرى متعلقة ببعضها تعلقًا نحويا