للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا ما كان البقاعيَّ ذاهبًا إلى أنَّ للبيان القرآني المجيد مقصودًا أعظم، فإنّه لذو عناية ببيان علائق مقاصد السور ببعضها وتصاعد معانيها منسولة من ذلك المقصود الأعظم للقرآن العظيم فكان معنيًّا ببيان ترتب مقصود السورة على مقصود التى قبلها، مما يعنى أن الترابط القائم بين سور القرآن الكريم ليس ترابطًا منحصرًا في تناسب أوَّل السُّورة مع خاتمة ما قبلها، بل الأمر أكبر من ذلك.

في تبيانه مقصود سورة " البقرة " يركز على المعنى الذي هو أساس المعاني المنسولة من معنى الفاتحة الذي هو إجمال معنى القرآن العظيم فهو لها كالحجر الأساس في البناء:

معنى الإيمان بالغيب، يقول:

" مقصودها إقامة الدليل على أنّ الكتاب هدًى؛ ليتبع في كلّ ما قال [حال] ، وأعظم ما يهدي إليه الإيمان بالغيب، ومجمعه الإيمان بالاخرة، وفمداره الإيمان بالبعث الذي أعربت عنه قصَّة البقرة التي مدارها الإيمان بالغيب، فلذلك سمِّيتْ بها السّورةُ " (١)

كلَّ آيات سورة" البقرة " ناظرة إلى تقرير معنى الإيمان بالغيب في القلوب (٢)


(١) - نظم الدرر:١/٥٥
(٢) - وتتفاوت آياتها في وجه الدلالة على هذا المعنى إفصاحًا وإفهاما وتصريحا وتلويحا، وهذا مجال خصب للدرس البلاغيّ بمنهاج " علم البيان "، ولو أنَّ عمدنا إلى شيء من هذا أي تبيان وجوه دلالة آيات سورة البقرة على هذا المعنى لكان لنا من هذا فيضًا جليلا من المعرفة بمناهد الإبانة عن المعنى الواحد بصور مختلفة في وجوح الدلالة عليه، ولذلك أزعم أنّ الاكتفاء في دراسة علم البيان في القرآن الكريم بدراسة أسلوب التشبيه والاستعارة والمجاز المرسل والكناية إنما هو تقصير بالغ

<<  <   >  >>