ويستشرف إلى الإقامة في القاهرة، فيرجع إليها سنة (٨٣٥) ليبقى بها خمسة وأربعين عاما، فتنتهى مرحلة من مراحل تلقيه العلم لتبدأ مرحلة أخرى يجمع فيها بين تلقيه العلم من أعلامه وتعليمه طلاب العلم ما تلقاه، حرصًا على أن يكون المتعلّم المعلّم، وذلك شأن العاقل من المنتسبين إلى هذه الأمة المحمدية غاية ومنهاجا، فلا خير في يوم لا يتعلم فيه المرء علما نافعا، ولا يعلم فيه مسلما ما ينفعه إن بلسان مقاله أو قلمه وإن بلسان حاله وفعاله وأخلاقه.
*****
المرحلة الثانية:(٨٣٥ - ٨٨٠)
اتخذ في هذه المرحلة القاهرة دارًا ووطنا، وقام ببعض الأسفار داخل الديار المصرية، وخارجها، وكان يقيم في القاهرة فوق مسجد في " رحبة باب العيد" وهي رحبة واسعة كانت أمام الباب الشرقي للقصر الفاطمي الكبير الذي أنشأه "جوهر الصقلى" للمعز الفاطمي، وهي الآن متفرعة من شارع قصر الشوق بالغورية بالأزهر، وما يزال شارع " رحبة باب العيد " قائما عامرا
تولى "البقاعي" وظيفة "معيد" بهذا المسجد، وبمسجد "الظاهر" وهي وظيفة يقوم صاحبها بتفهيم بعض الطلاب ما لم يستطيعوا فهمه من الشيخ، فيعيد الدرس عليهم بشيء من التوضيح كما يقول التاج السبكي في "معيد النعم "