ومن النظم التركيبي الذي عُنيَ البقاعيُّ بتأويله وهو ضرب من ضروب شجاعة العربية كالتقديم والتأخير والحذف ما يعرف بالالتفات، وهو من التصرف في حركة الضمائر ذات مرجع واحد، فتكون مرة ضمير غيبة وأخرى ضمير متكلم، والمرجع واحد، أمَّا إذا تنوعت الضمائر وتنوعت مراجعها بتنوعها فليس من الالتفات الذي هو من شجاعة العربية في شيءٍ.
ولست بالناظر هنا فيما كان بين البلاغيين من مناقدة في تبيين الملتفت منه في ذلك الأسلوب بل فيما كان من"البقاعيّ"في هذا.
هو على مذهب أن الملتفت عنه ما كان يقتضيه الظاهر أن يكون، وهو ما يعرف بمذهب الزمخشري والسكّاكيّ لا ما كان البيان به أولاً وهو ما يعرف بمذهب الخطيب والجمهور.
ترى هذا في تاويل "البقاعي" البيان في أول سورة عبس: