للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتفيد لزوم التعلم والتحرز ... وتفيد أيضاً أن المسلم المجتهد إذا تكلم بكلام كفر وهو لا يدري، فنُبِّه على ذلك فتاب من ساعته أنه لا يكفر". (١)

وهكذا تبين أن العذر بالجهل دلت على وجوبه النصوص، وعدم اعتباره مؤد إلى تكفير أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما جهلوه، وإذا كان الجهل عذراً في الصدر الأول فهو من باب أولى مما يعذر به الناس في عصور طغت عليها الجهالة، وعزّ فيها العلماء.

ثانياً: أقوال أهل العلم في العذر بالجهل

يقول ابن حزم: " ولا خلاف في أن امرءاً لو أسلم، ولم يعلم شرائع الإسلام، فاعتقد أن الخمر حلال، وأن ليس على الإنسان صلاة، وهو لم يبلغه حكم الله تعالى لم يكن كافراً بلا خلاف يعتد به، حتى إذا قامت عليه الحجة، فتمادى، حينئذ بإجماع الأمة فهو كافر ". (٢)

ويقول الإمام ابن القيم: "وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة، وعدم التمكن من معرفتها، فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل". (٣)

وقال الإمام الشافعي: "لله أسماء وصفات لا يسع أحداً ردها، ومن خالف بعد ثبوت الحجة عليه فقد كفر، وأما قبل قيام الحجة فإنه يعذر بالجهل، لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل، ولا الرؤية والفكر". (٤)

ويقول ابن تيمية: " من دعا غير الله، وحج إلى غير الله هو أيضاً مشرك، والذي فعله كفر، لكن قد لا يكون عالماً بأن هذا شرك محرم، كما أن كثيراً من الناس دخلوا في الإسلام من التتار وغيرهم، وعندهم أصنام لهم، صغار من لبد وغيره، وهم يتقربون إليها ويعظمونها، ولا يعلمون أن ذلك محرم في دين الإسلام، ويتقربون إلى النار أيضاً، ولا يعلمون أن ذلك محرم،


(١) كشف الشبهات (٤٥ - ٤٦).
(٢) المحلى (١١/ ٢٠٦).
(٣) طريق الهجرتين (٦١١).
(٤) فتح الباري (١٣/ ٤٠٧).

<<  <   >  >>