للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحرم ما حرمه الله ورسوله، أو يدين بدين يخالف الدين الذي بعث الله به رسوله باطناً وظاهراً: مثل من يعتقد أن شيخه يرزقه أو ينصره أو يهديه أو يغيثه أو يعينه، أو كان يعبد شيخه أو يدعوه ويسجد له، أو كان يفضله على النبي تفضيلاً مطلقاً أو مقيداً في شيء من الفضل الذي يقرب إلى الله تعالى، أو كان يرى أنه هو أو شيخه مستغن عن متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فكل هؤلاء كفار إن أظهروا ذلك، ومنافقون إن لم يظهروه.

وهؤلاء الأجناس وإن كانوا قد كثروا في هذا الزمان، فلقلة دعاة العلم والإيمان، وفتور آثار الرسالة في أكثر البلدان، وأكثر هؤلاء ليس عندهم من آثار الرسالة وميراث النبوة ما يعرفون به الهدى، وكثير منهم لم يبلغهم ذلك.

وفي أوقات الفترات، وأمكنة الفترات، يثاب الرجل على ما معه من الإيمان القليل، ويغفر الله فيه لمن لم تقم الحجة عليه ما لا يغفر به لمن قامت الحجة عليه ". (١)

فماذا يقول رحمه الله لو رأى عصرنا وفشو الجهل في مسائل الدين حتى بين من يُدعون بالمثقفين؟ وهؤلاء وأمثالهم قد يمتنع تكفير واحدهم لجهله، وهم آثمون بما قصروا في البحث عن الحق مع قدرتهم عليه.

وبعد فتح مكة خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين ومعه مسلمة الفتح، فمروا بشجرة للمشركين يقال لها: ذات أنواط، يعلقون عليها أسلحتهم. فقالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((سبحان الله، هذا كما قال قوم موسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة. والذي نفسي بيده لتركبن سُنة من كان قبلكم)). (٢)

وقال محمد بن عبد الوهاب: " وكذلك لا خلاف في أن الذين نهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - لو لم يطيعوه، واتخذوا ذات أنواط بعد نهيه لكفروا .. ولكن القصة تفيد أن المسلم بل العالم قد يقع في أنواع من الشرك وهو لا يدري عنها،


(١) المصدر السابق (٣٥/ ١٦٥).
(٢) رواه الترمذي ح (٢١٨٠)، وأحمد ح (٢١٣٩٠)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ح (١٧٧١).

<<  <   >  >>