للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما حكم رسول الله بإسلام قوم يأتون في آخر الزمان، حين يندرس الإسلام، لا يعرفون من الدين إلا كلمة التوحيد، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يُدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس، الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله. فنحن نقولها)).

فقال له صلة [أي لحذيفة راوي الحديث]: ما تغني عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟ فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثاً، كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة، فقال: يا صلة، تنجيهم من النار. (١)

واستدلالاً بهذا الحديث يقول شيخ الإسلام بعذر الجاهل، ونقل اتفاق العلماء عليه، فقال: "وكثير من الناس قد ينشأ في الأمكنة والأزمنة الذي يندرس فيها كثير من علوم النبوات، حتى لا يبقى من يبلِّغ ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة، فلا يعلم كثيراً مما بعث الله به رسوله، ولا يكون هناك من يبلغه ذلك، ومثل هذا لا يكفر، ولهذا اتفق الأئمة على أن من نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم والإيمان، وكان حديث العهد بالإسلام، فأنكر هذه الأحكام الظاهرة المتواترة، فإنه لا يحكم بكفره حتى يعرَّف ما جاء به الرسول ". (٢)

وقد عذر رحمه الله بهذا الجهل بعض معاصريه، واعتذر لهم بشيوع الجهل في عصره: "بل كل من كان من المتنسكة والمتفقهة والمتعبدة والمتفقرة والمتزهدة والمتكلمة والمتفلسفة ومن وافقهم من الملوك والأغنياء والكتاب والحساب والأطباء وأهل الديوان والعامة خارجاً عن الهدى ودين الحق الذي بعث الله به رسوله، لا يقر بجميع ما أخبر الله به على لسان رسوله، ولا


(١) رواه ابن ماجه ح (٤٠٤٩)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (٣٢٧٣).
(٢) مجموع الفتاوى (١١/ ٤٠٧).

<<  <   >  >>