من فضل الله ومنته أنه جعل الجزاء من جنس العمل، ومن ذلك أنه جعل ثواب الإحسان إحسانًا، كما قال - سبحانه وتعالى -: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}[الرحمن: ٦٠]، فمن أحسن عملاً أحسن الله جزاءه، بل وتكرم بجوده وكرمهم وأنزلهم أعلى المنازل وأفضلها، قال - سبحانه وتعالى -: {وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}[البقرة: ٥٨]، وقال - سبحانه وتعالى -: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}[يونس: ٢٦] والزيادة فسرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنظر إلى وجه الله - عز وجل - في جنات النعيم.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي عند تفسيره لهذه الآية:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}(أي: للذين أحسنوا في عبادة الخالق، بأن عبدوه على وجه المراقبة والنصيحة في عبوديته، وقاموا بما قدروا عليه منها، وأحسنوا إلى عباد الله بما يقدرون عليه من: الإحسان القولي والفعلي -من بذل الإحسان المالي والإحسان البدني- والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم الجاهلين، ونصيحة المعرضين، وغير ذلك من وجوه البر والإحسان، فهؤلاء الذين أحسنوا لهم (الحسنى): وهي الجنة الكاملة في حسنها، و (زيادة): وهي النظر إلى وجه الله الكريم وسماع كلامه والفوز برضاه والبهجة بقربه، فبهذا حصل لهم أعلى ما يتمناه المتمنون ويسأله السائلون) (١).