للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فطوبى ثم طوبى .. رزقنا الله مما رزقك وأعاننا على طاعته ..

تمر الليالي والحوادث تنقضي ... كأضغاث أحلام ونحن رقود

وأعجب من ذا أنها كل ساعة ... تجد بنا سيراً ونحن قعود (١)

عن ابن مسعود أنه كان يقول .. إنكم في ممر من الليل والنهار, في آجال منقوصة وأعمالٍ محفوظة, والموت يأتي بغتة, فمن زرع خيراً فيوشك أن يحصد رغبة, ومن زرع شراً فيوشك أن يزرع ندامة, ولكل زارع ما زرع (٢)

أخي الحبيب: ماذا تزرع اليوم .. فهنا بذرك وغداً حصادك! ! فانظر ما تزرع وما تحصد! !

قيل للحسن: ها هنا رجل لم نره جالساً إلى أحد, إنما هو أبداً خلف سارية وحده, فقال الحسن .. إذا رأيتموه فأخبروني به, قال فمر به ذات يوم ومعهم الحسن, فأشاروا إليه فقالوا: ذاك الرجل الذي أخبرناك, فقال: امضوا حتى آتيه, فلما جاءوه, قال: يا عبدالله: أراك قد حُببت إليك العزلة. فما يمنعك من مخالطة الناس؟

قال: ما أشغلني عن الناس, قال: فيأتي هذا الرجل الذي يقال له الحسن فتجلس إليه, قال: ما أشغلني عن الحسن وعن الناس, قال له الحسن: فما الذي شغلك يرحمك الله عن الناس وعن الحسن؟ قال: إني أمسي وأصبح بين ذنب ونعمة, فرأيت أن أشغل نفسي


(١) شذرات الذهب ٨/ ١٣٧.
(٢) صفة الصفوة ١/ ٤٠٩، والفوائد ٤٠٩.

<<  <   >  >>