[٢٨] وكان مِنْ دعاءِ دَاوُدَ، صلواتُ الله عَلَيهِ (١): "يا رازِقَ النَّعَّابِ فِي عُشِّهِ" يُرِيْدُ: فَرْخَ الغُرَابِ، وَذَلِك أنه يُقَالُ: إنهُ (٢) إذَا تَفَقأتْ عَنْهُ البَيْضَةُ خَرَجَ أبيَضَ كالشحْمَةِ، فَإذَا رَآهُ الغُرابُ أنكَرَهُ لِبَيَاضِهِ؛ فَتَرَكَهُ. فَيَسُوْقُ اللهُ -[جَل وعَزَّ] (٣) - إلَيْهِ البَقَّ (٤)؛ فَتَقَعُ عَلَيْهِ لِزُهُومَةِ رِيْحهِ فَيَلْقُطُهَا ويعِيْشُ بِهَا إلَى أنْ يَحْمُمَ ريشُهُ فيَسوَّدَ، فَيُعَاوِدُهُ الغُرابُ عنْدَ ذَلِك، وَيَألَفُهُ (٥) ويُلْقِطُهُ الحَبَّ. فَهَذَا (٦) مَعْنَى: رِزْقِهِ النَّعَّابَ فِي عُشِّهِ.
وَقَدْ يَكُونُ وُصُولُ الرزق بِسَبَب وَبِغير سبَب، وَيَكُونُ ذلِكَ بِطَلَبٍ وبِغير طَلَب، وَقَدْ يَرِثُ الإنْسَانُ مَالاً؛ فَيَدْخلُ فِي ملْكِه مِنْ غير قَصْدٍ إلى تَمَلُّكِهِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الرزْقِ. وكُلُّ ما وَصَل [مِنْهُ إلَيْه] (٧) مِنْ مُبَاحٍ وَغير مُبَاحٍ فَهْوَ رِزْقُ اللهِ عَلَى مَعْنَىْ أنه قَدْ جَعَلَهُ لَهُ قُوْتاً وَمَعَاشَاً. كَقَوْلهِ -سُبْحَانَه-: (رِزْقاً لِلْعِبَادِ) [ق/١١] إثْرَ قَوْلهِ -سُبْحَانهُ (٨) -: (والنخْلَ باسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيْدٌ) [ق/١٠].
وَكَقَوْلهِ: (وَفي السمَاءِ رِزْقُكُم وَمَا تُوعَدُوْنَ) [الذاريات/٢٢] إلا أن
[٢٨] ذكره ابن الأثير في النهاية (نعب) ٥/ ٧٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute