بعد اتساع رقعة الدولة الإسلامية إلى الصين شرقاً، وإلى جنوب فرنسا غرباً، بدأ الوهن يدب في أوصال هذه الدولة المترامية الأطراف، وبدأ الأمراء والسلاطين يستقلون عن مركز الخلافة في بغداد، فنشأت دويلات وسلطنات -إن صح هذا التعبير- اقتسمت إرث بني العباس، حتى أصبح الخليفة في بغداد ليس له من السلطة إلا الاسم.
[ب- لمحة عن الحياة العلمية:]
في خضم هذا الجو السياسي المضطرب كانت رواسي العلم راسخة كالجبال، وكانت الحياة العلمية كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، وبدأت ثمارها تتدلى، وكانت قطوفها دانية، فمهدت السبيل إلى نبوغ الجم الغفير من علماء ذلك العصر، الذين ينوء القرطاس هاهنا عن حصرهم، وكان العلماء يجوبون البلاد الإسلامية طلباً لتحصيل العلم، وسعياً في طلب الحديث والتفسير والفقه واللغة، وبدأت مراكز العلم تتعدد، فبعدما كانت بغداد محجة العلماء، أصبح ينافسها في ذلك أمراء المقاطعات، وسلاطين