للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المبحث التاسع يشترط في صحة العلة أن لا تعود على الأصل بالإبطال

يشترط في صحة العلة أن لا تعود على الأصل الذي استنبطت منه بالإبطال، لأنه أصلها، إذ التعليل فرع الثبوت، وإبطال الأصل يستلزم إبطال فرعه.

وذلك كتعليل الحنفية وجوب الشاة في الزكاة بدفع حاجة الفقراء المفضي لجواز دفع قيمتها، فإنه يفضي إلى عدم وجوبها على التعيين، بالتخيير بينها، وبين قيمتها١.

فالأصل وجوب الشاة، وقد استنبطوا منه أن العلة هي دفع حاجة الفقراء، فاقتضى التخيير بين دفع الشاة، وبين قيمتها، فالقول بالتخيير إبطال لوجوب دفع الشاة على التعيين دون القيمة الذي هو الأصل.

وكتعليلهم الحكم المستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا سواء بسواء" ٢، بالكيل مع أن من حكمه حرمة ذلك في القليل من الطعام الذي لا يكال لعمومه، والتعليل بالكيل يخرج القليل الذي لا يكال من حكم حرمة التفاضل.

وفي ذلك إبطال لحكم الأصل الذي هو حرمة بيع الطعام متفاضلاً قليلاً كان أو كثيراً٣.

وللحنفية عن هذين المثالين إجابات نذكر منها ما يأتي:

أما عن الأول فقد أجابوا عنه بما عزاه لهم المطيعي، ونصه: "أجاب الحنفية بأننا نسلم أن استنباط العلة المبطلة للنص لا يجوز، لكن العلة المستنبطة هنا ليست مبطلة، لأن الذي غير النص هو نص آخر، وهو ما سنذكره لاستنباط


١ انظر: المختصر مع شرحه ٢/٢٢٨، الأحكام للآمدي ٣/٢٢٦، المحلى مع حاشية العطار ٢/٢٩٠.
٢ انظر صحيح مسلم ٥/٤٧، ولفظ الحديث هو: "الطعام بالطعام مثلاً بمثل ... " الحديث.
٣ انظر: المختصر مع شرحه ٢/٢٢٨.

<<  <   >  >>