فابن السبكي وإن كان اتبع طريقة ابن الحاجب في هذا التقسيم حيث قال:"المناسب أن اعتبر بنص أو إجماع عين الوصف في عين الحكم فالمؤثر، وإن لم يعتبر بهما، بل بترتيب الحكم على وفقه ولو باعتبار جنسه في جنسه، فالملائم وإن لم يعتبر فإن دل الدليل على إلغائه فلا يعلل به، وإلا فهو المرسل"١، فإنه لم يذكر غريب المناسب، ولا القسم الملغى من المرسل، لأنه قصر المرسل على ما لم يعلم إلغاؤه ولا رده، فلم يقسمه إلى ملائم وغيره كما فعل ابن الحاجب فجعل الخلاف فيه جارياً على الإطلاق خلافاً لابن الحاجب الذي ذكر الاتفاق على أن غريب المرسل مردود كالملغى.
"ويؤخذ من شرح المحلى عليه أن اعتبار العين في العين بترتيب الحكم على وفقه، إنما يعد اعتباراً للشارع إذا اعتبر عين الوصف في جنس الحكم، أو جنسه في جنسه، أو عينه بنص أو إجماع، وهو خلاف تقسيم ابن الحاجب والعضد السابق.
ثم يرد عليه أن غريب المناسب فيه اعتبار العين في العين بالترتيب فقط، وقد جعلوه مما اعتبره الشارع، اللهم إلا أن يكون صاحب جمع الجوامع بنى كلامه في الملائم على اعتبار الجنس ولو بعيداً، فيكون القسم المسمى بغريب المناسب داخلاً في ملائمه، كما أن غريب المرسل داخل في ملائمه أيضاً.
وعلى ذلك لا يكون في المناسب غريب البتة، إذ ما من وصف يفرض إلا واعتبر جنسه البعيد في جنس الحكم بالنص أو الإجماع، ولذلك قصر المحلى اعتبار العين في العين بالترتيب على ما ذكره.
١ انظر: جمع الجوامع مع المحلى وحاشية العطار ٢/٣٢٥ فما بعدها.