للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثامن: في رأي الغزالي في قبول المرسل]

...

الفصل الثامن في رأي الغزالي وبيان وجه قبوله للمرسل إذا كانت المصلحة ضرورية قطعية كلية

وهو كما تقدم اختيار البيضاوي.

وقبل عرض ما استدل به الغزالي على ما ذهب إليه لا بد من بيان تحديد ما اعتبره من المرسل، وما لم يعتبره على ما ذكره هو بنفسه لا ما نقل عنه، وذلك لأن الغزالي - رحمه الله - اختلفت مناهجه في كتبه: المستصفى وشفاء الغليل والمنخول، وليس من همي ذكر تلك المناهج وبيان وجه الخلاف، والوفاق بينها، وإنما الذي يهمني إنما هو مذهبه في المرسل ودليل اعتباره لما اعتبره منه، فأقول: مهد الغزالي لاعتبار المرسل في كتابه المستصفى بذكر أقسام المصلحة، بالإضافة إلى شهادة الشرع لها، فذكر أقسامها الثلاثة: ما شهد الشرع باعتباره، وما شهد الشرع برده، وما سكتت عنه شواهد الشرع بالاعتبار والرد١.

ثم قال في الثالث: "وهذا في محل النظر، فلنقدم على تمثيله تقسيماً آخر وهو: أن المصلحة باعتبار قوتها في ذاتها تنقسم إلى: ما هي في رتبة الضرورات وإلى ما هي في رتبة الحاجيات، وإلى ما يتعلق بالتحسينات والتزيينات وتتقاعد عن رتبة الحاجات٢.

ثم بين أنه يعني "بالمصلحة المحافظة على مقصود الشرع، ومقصود الشرع من الخلق خمسة، وهي: أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم، وما لهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة، فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول، فهو مفسدة ودفعها مصلحة٣.

ثم قال: "فإذا عرفت هذه الأقسام فنقول: الواقع في الرتبتين الأخيرتين لا


١ انظر: المستصفى ١/٢٨٤ فما بعدها.
٢ انظر: المستصفى ١/٢٨٦.
٣ انظر: المستصفى ١/٢٨٧.

<<  <   >  >>