للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل التاسع في أدلة مذهب الطوفي فيما ذهب إليه من تقديم المصلحة على النص والإجماع

تميهد

تقدم أن القائل بهذا المذهب هو الطوفي١ - رحمه الله - وأنه قائل بالمناسب المرسل، بل وبالمصلحة مطلقاً حتى لو عارضت النص والإجماع، ذلك أن الطوفي يرى أن المصلحة دليل شرعي مستقل عن النصوص الشرعية، فهي في نظره لا تحتاج إلى شهادة أصل لها بالاعتبار، وإنما تعتمد على حكم العقل أخذاً من العادات والتجارب.

ولذا فهو يقول: "إن الله عز وجل جعل لنا طريقاً إلى معرفة مصالحنا عادة، فلا نتركه لأمر مبهم "يعني النصوص الشرعية" يحتمل أن يكون طريقاً إلى المصلحة، أو لا يكون"٢.

ويقول: "ولا يقال أن الشرع أعلم بمصالحهم، فلتأخذ من أدلته.. "لأن"


١ هو: الربيع بن سليمان بن عبد الكريم بن سعيد الملقب بنجم الدين الطوفي، نسبة إلى طوفى، قرية من سواد العراق، كان الطوفي ذا ذكاء شديد وقوة حافظة ومعروف بحرية الرأي، وكان فققيهاً حنبلياً، ثم رمي بالتشيع بل وبالرفض حتى نقل عنه من شعره قوله:
حنبلي رافضي ظاهري ... أشعري إنها إحدى العير
وقد اختلف الكتاب في عقيدته ومذهبه: فمنهم المدافع عنه كالدكتور مصطفى زيد في رسالته المصلحة في التشريع الإسلامي.
ومنهم الحامل عليه كالدكتور محمد سعيد البوطي في رسالته ضوابط المصلحة.
فمن أراد الاطلاع على ما كتبناه عنه، فليرجع إلى الكتابين المذكورين.
أما ثروته العلمية فهي كثيرة حيث أوصلها الدكتور مصطفي زيد إلى اثنين وأربعين مؤلفاً، صنفها في القرآن، وأصول الدين، والفقه، وأصول الفقه، واللغة والأدب، وغيرها، ومن مؤلفاته في الأصول: مختصر الروضة وشرحه، وغيرهما، ولد الطوفي سنة ٦٧٥هـ على ما رجحه صاحب رسالة المصلحة في التشريع الإسلامي، وتوفي سنة ٧١٦هـ.
انظر: طبقات الحنابلة ٢/٧٤٦، والدرر الكامنة ٢/١٥٤، وشذرات الذهب ٦/٣٩ نقلاً عن المصلحة في التشريع الإسلامي ص ٦٧ فما بعدها.
٢ انظر: شرح الأربعين النوويية ملحق رسالة المصلحة في التشريع الإسلامي ص ٢٣٣.

<<  <   >  >>