للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثال الثالث: وهو اعتبار جنس الوصف في جنس الحكم ما يقال: يجب القصاص في القتل بالمثقل قياساًَ على القتل بالمحدد بجامع كونهما جناية عمد عدوان، فالحكم مطلق القصاص، وهو جنس يجمع القصاص في النفس وفي الأطراف، وغيرهما من القوى.

والوصف جناية العمد العدوان، وهو جنس يجمع الجناية في النفس وفي الأطراف وفي المال، وقد اعتبر جنس الجناية في جنس القصاص، بالنص والإجماع، وهو ظاهر، وإنما الخفاء في أن اعتبار عين القتل العمد العدوان في عين القصاص في النفس ليس بالنص والإجماع، بل بترتيب الحكم على وفقه، ليكون من الملائم دون المؤثر.

ووجهه أن لا نص ولا إجماع على أن العلة ذلك وحده، أو مع قيد كونه بالمحدد.

ومثال المناسب الغريب أن يقال: في البات في المرض، وهو من يطلق امرأته طلاقاً بائناً بالثلاث في مرض موته، لئلا ترثه، يعارض بنقيض قصده، فيحكم بإرثها قياساً على القاتل حيث عورض بنقيض مقصوده، وهو أن يرث، فحكم بعد إرثه.

والجامع بينهما كون كل منهما فعلاً محرماً لغرض فاسد، فهذا له وجه مناسبة، وفي ترتب الحكم عليه تحصيل مصلحة، وهي نهيها عن الفعل الحرام غير أنه لم يشهد له أصل بالاعتبار بنص أو إجماع اعتبار عين الوصف في جنس الحكم أو جنسه في جنسه، أو عينه، وهذا المثال تحقيقي.

مثال تقديري، وهو أن يقال يحرم النبيذ قياساً على الخمر، بجامع الإسكار على تقدير عدم النص على علة السكر بالإيماء إليها في حديث "كل مسكر حرام" ١، لأن الإسكار مناسب للتحريم حفظاً للعقل، إذ الشارع لم يعتبر عينه


١ أخرجه مسلم في باب كل مسكر خمر وكل خمر حرام ٦/٩٩.

<<  <   >  >>