للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المذهب الثاني: منع الأخذ به مطلقاً، وبه قال القاضي الباقلاني، واختاره ابن الحاجب، وقال الآمدي إنه الحق، وحكى اتفاق الفقهاء عليه١، غير أن ما ذكر من اتفاق الفقهاء يرد عليه ما نقله إمام الحرمين عن الشافعي ومعظم فقهاء الحنفية، من العمل بالمناسب المرسل إذا كانت مصلحته مشابهة بالمصالح المعتبرة٢.

وما ذكره القرافي ونصه "وأما المصلحة المرسلة فالمنقول أنها خاصة بنا، وإذا افتقدت المذاهب وجدتهم إذا قاسوا وجمعوا، وفرقوا بين مسألتين لا يطلبون شاهداً بالاعتبار لذلك المعنى الذي به جمعوا وفرقوا، بل يكتفون بمطلق المناسبة، وهذا هو المصلحة المرسلة، فهي حينئذ في جميع المذاهب"٣.

وقال الطوفي من الحنابلة: "تقدم المصلحة على النص والإجماع، لأن الإجماع اختلف في حجيته، ولكن المصلحة ما اختلف في حجيتها، والتمسك بما اتفق عليه أولى من التمسك بما اختلف فيه"٤.

فكيف يسوغ الإجماع مع مخالفة من ذكروا، ولا سيما مخالفة الإمام الشافعي رحمه الله؟ وسيتضح ذلك إن شاء الله عند عرض الأدلة ومناقشتها.

المذهب الثالث: اعتبار الأخذ به بشرط المناسبة وعدم البعد من شهادة النصوص له، وبه قال الشافعي، وأبو حنيفة، ونسب أيضاً لإمام الحرمين٥.

المذهب الرابع: اعتباره إن كانت المصلحة ضرورية قطعية كلية، وبه قال الغزالي واختاره البيضاوي٦.


١ انظر: المنخول ص ٤٥٥، البرهان ٢/١١١٣، المختصر مع شرحه وحاشية السعد ٢/٢٤٢، الأحكام ٤/١٤٠، ونهاية السول مع منهاج العقول ٣/١٣٦.
٢ انظر: البرهان ٢/١١١٤.
٣ انظر: شرح تنقيح الفصول ص ٣٩٤.
٤ انظر: أسباب اختلاف الفقهاء ص ٤٦٦.
٥ انظر: البرهان ٢/١١١٤، ونهاية السول مع منهاج العقول ٣/١٣٦.
٦ انظر: المستصفى ١/٢٩٤-٢٩٥، نهاية السول مع منهاج العقول ٣/١٣٦، وجمع الجوامع مع شرحه وحاشية العطار ٢/٣٢٩-٣٣٠.

<<  <   >  >>