للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اعتماده وعليها يرجع في التفريع، ويقيد نفسه بها، وإن لم يصرح بها كما نقل ذلك عنه أتباعه١.

وليس للباحث إلا أن يسلم صحة ذلك، لأن اتباع الإمام، وعلماء المذهب أعلم الناس بمذهب إمامهم، وقد عزوا ذلك إليه، وذكروا أنه كان يحتج بالمناسب المرسل.

والآن ننتقل إلى ذكر أدلة ذلك المذهب.

أدلة المذهب الأول على اعتبار الوصف المناسب المرسل مطلقاً، استدل أهل هذا المذهب بما يأتي:

الدليل الأول: ما صرح به القرافي، وهو: "أن الله تعالى إنما بعث الرسل عليهم الصلاة والسلام لتحصيل مصالح العباد عملاً بالاستقراء، فمهما وجدنا مصلحة غلب على الظن أنها مطلوبة للشرع٢.

ومعنى كلامه رحمه الله أن استقراء النصوص دل على أن الشارع اعتبر جنس المصالح في جنس الأحكام، واعتبار الشارع جنس المصالح في جنس الأحكام يفيد ظناً قوياً باعتبار مصلحة الوصف المناسب المرسل، وإذا غلب على ظننا اعتبار الشارع لها لزمنا العمل بها؛ لأن الظن يجب العمل به.

يدل لهذا ما استدل به البيضاوي لمالك رحمهما الله على ما نسبه إليه من القول بالمناسب المرسل مطلقاً حيث قال: "وأما مالك فقد اعتبره مطلقاً، لأن اعتبار جنس المصالح يوجب ظن اعتباره"٣، والضمير في قوله: اعتبره، واعتباره راجع إلى المناسب المرسل.

وأوضح الأسنوي كلام البيضاوي "بأن الشارع اعتبر جنس المصالح في


١ انظر: مالك بن أنس ص ٢٣٣، ونظرية المصلحة في الفقه الإسلامي ص ٤٧.
٢ انظر: شرح تنقيح الفصول ص ٤٤٦.
٣ انظر: المنهاج مع شرحه نهاية السول، ومنهاج العقول ٣/١٣٥-١٣٦.

<<  <   >  >>