للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النيل من غريمه اتخذ الشهادة وسيلة إلى بلوغ مراده، لعلمه أنه لا يقتص منه ولا يغرم ما فوته على من شهد عليه.

٣ - قال عز الدين: "ولم عم الحرام الأرض، بحيث لا يوجد فيها حلال، جاز أن يستعمل من ذلك ما تدعو إليه الحاجة، ولا يقف تحليل ذلك على الضرورات؛ لأنه لو وقف عليها، لأدى إلى ضعف العباد، واستيلاء أهل الكفر والعناد على بلاد الإسلام، ولا يقطع الناس عن الحرف والصنائع والأسباب التي تقوم بمصالح الأنام"١.

ثم وضح وجه اعتبار ذلك وأنه لا يقف تحليل استعمال الحرام على الضرورات، لأنه لو وقف عليها، لأدى إلى الحرج بضعف المسلمين وأن اعتبار مثل هذا وإن لم يدل عليه نص معين، غير انه دلت عليه نصوص الشرع وقواعده العامة.

قال: "ومن تتبع مقاصد الشرع بجلي المصالح ودفع المفاسد حصل له من مجموع ذلك اعتقاد أو عرفان بأن هذه المصلحة لا يجوز إهمالها، وأن هذه المفسدة لا يجوز قربانها، وإن لم يكن فيها إجماع، ولا نص، ولا قياس خاص، فإن فهم نفس الشرع يوجب ذلك"٢.

والحاصل أنه اتضح لنا مما تقدم أن الشافعي رحمه الله يعتبر الاستدلال المرسل، ويأخذ به وإن كان يرى أنه من باب القياس العام أي من باب الأخذ بالمصلحة التي شهدت لها نصوص الشرع وقواعده العامة، وإن لم يشهد لها نص معين، وكذلك علماء مذهبه وهذا هو بعينه الاستدلال المرسل، لأنه في الحقيقة قياس في الجملة فقد فيه أحد أركان القياس وهو الأصل.

فإن قيل: هل معنى هذا أن الشافعي يقول بالاستدلال المرسل مطلقاً؟

أجيب بأنه كما تقدم نقله عن إمام الحرمين أنه يقول بالاستدلال بشرط أن


١ انظر: قواعد الأحكام في مصالح الأنام ٢/١٥٩-١٦٠.
٢ انظر: قواعد الأحكام في مصالح الأنام ٢/١٦٠.

<<  <   >  >>