للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالمصدر، كما قال في الخلاصة (١):

ونَعَتُوا بِمَصْدَرٍ كَثِيراً ... فَالْتَزَمُوا الْإِفَرَادَ وَالتَّذْكِيرَا

فعلى قراءة (قِيَماً) فهو من النعت بالمصدر، فالقِيَم: مصدر كالشِّبَعِ، والصِّغَرِ، والكِبَر، وعلى قراءة من قرأ {قَيِّماً} فالأمر واضح (٢).

وقوله: {مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ} هذه بدل من الدين (٣)؛ لأن الدين القيم هو ملة إبراهيم، والملة: الشريعة والطريقة، قال بعض العلماء: اشتقاقها من (الإملال)، و (الإملال) بلامين، وهو ما يسمونه الإملاء -بالهمزة- أن تلقي على الكاتب جملة فيكتبها، ثم تُملي عليه جملة أخرى فيكتبها، ومنه قوله: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: آية ٢٨٢] {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: آية ٢٨٢] معنى أنه يملل، أي: يُلقي على الكاتب جمل عقد المداينة حتى يكتبها، أبدلوا اللام الأخيرة همزة، فجعلوه إملاء، وأصله (إملال) قالوا: لأن الملة -وهي الشريعة- تنزل جُمَلاً جُمَلاً جُمَلاً حتى تتم (٤) كما وقع في ديننا، فُرِضَتِ الصَّلَاةُ أَوَّلاً قبل الهجرة، ثم فُرِضَتِ الزَّكَاةُ والصيام في عام اثنين من الهِجْرَة، وفُرِضَ الحَجّ في عام تسع على أصَحِّ الأقْوَال، شيئاً بعد شيء حتى تَتِمَّ.


(١) مضى عند تفسير الآية (٤٦) من سورة الأنعام.
(٢) انظر هذه القراءات وتوجيهها في: المبسوط لابن مهران ص ٢٠٥، ابن جرير (١٢/ ٢٨٢)، حجة القراءات ص ٢٧٨، القرطبي (٧/ ١٥٢).
(٣) انظر: الدر المصون (٥/ ٢٣٨).
(٤) انظر: المفردات (مادة: ملل) ٧٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>