للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: {فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ (٧٢)} [يونس: آية ٧٢] وهذا نبي الله يوسف يقول: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (١٠١)} [يوسف: آية ١٠١] والله يقول: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ} [المائدة: آية ٤٤] وأمثال هذا في القرآن كثيرة، فالمسلمون قبله كثير، ودين الإسلام قبله منتشر في شرائع الرسل. ومعنى {وَأَنَاْ أَوَّلُ المُسْلِمِينَ} أي: من هذه الأمة التي بعثني الله بشيراً ونذيراً إليها.

{قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَاّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (١٦٤)} [الأنعام: آية ١٦٤].

{قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} يقول علماء التفسير: إن سبب نزول هذه الآية الكريمة من سورة الأنعام: أن المشركين قالوا للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: اعبد معنا آلهتنا مرة ونعبد معك إلهك مرات أُخرى، فأمره الله أن يُنكر عليهم هذا القول، ويقول لهم: {قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبّاً} والمعنى: أأبغي ربّاً غير الله حتى أعْبُدَ صنماً وأتخذه ربّاً؟ لا يمكن أن يكون هذا مِنّي، {وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} يعني: لا أبْغِي ربّاً غير الرب الذي هو الرب الحقيقي، الذي هو رب كل شيء، أي: خالق كل شيء، ومدبر شؤون كل شيء، إليه المرجع والمآبُ، هو وحْدَهُ الَّذِي هو رَبّي؛ لأن غيْرَهُ مخْلوق مربوب مملوك له (جل وعلا)، وهذا معنى قوله: {أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} وإنما قدم المفعول؛ لأن محلّ الإنكار مُنْصَبٌّ على غيريّة الله، واتخاذ الربوبية إنكاره منصب على غيريّة الله؛ ولذا قَدَّم غير الله؛ لأنه محل مصب الإنكار، والحال

<<  <  ج: ص:  >  >>