{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} أي: لا تحمل نفس مذنبة -يعني- ذنب نفس أخرى، بل كل وعمله، والله لا يأخذ أحداً بعمل غيره، فالكل مؤاخذ بما عمل.
وهذه الآيات فيها موعظة عظيمة وسؤال؛ أما الموعظة العظيمة: فهي أن يعلم الإنسان أن حركاته في الدنيا وسكناته أن ما فيها من نفع فهو عائد إلى خصوص نفسه، وما فيها من ضرّ فهو عائد إلى خصوص نفسه، فليجتهد الإنسان وقت إمكان الفرصة أن يُسَلِّم نفسه من البلايا، وأن يُكسبها الخيرات، فحركات الإنسان في دار الدنيا إنما يبني بها بيته الذي إليه مصيره الأخير، وهو إما غرفة من غرف الجنة أو سجن من سجون النار، فعلى كل مكلف أن يتأمل في نور القرآن في الحياة الدنيا في صحته وفراغه، ويعلم أن حركاته من أقواله وأفعاله ونيّاته وقصوده إنما يبني بها مقرَّه الأخير النهائي: إما غرفة من غرف الجنة، وإما سجن من سجون النار.
الثاني: أن يُقال: في هذه الآية سؤال: لأن الله نص فيها أنه لا يؤاخذ أحداً بفعل أحد آخر، وقد جاءت مسألتان وقعت فيهما المؤاخذة بفعل الغير:
إحداهما: تحمّل العاقلة للديّة، فقد يقتل رجل إنساناً خطأ فتُجعل الديّة على عاقلة ذلك الرجل، فيُكلفون بغرم لا ناقة لهم فيه ولا جمل، فهذه الأنفس قد أُخذت بذنب نفس أُخرى وهي لا ذنب لها فيه.
الثاني: ما ثبت في الصحيح عن عبد الله بن عمر (رضي الله