للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَدَهَا (١).

ومعجزاتُه صلواتُ الله وسلامُه عليه كثيرةٌ جِدًّا، وَلَكِنَّ أَعْظَمَهَا القرآنُ؛ ولذا حَصَرَهَا فيه بقوله: «وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وَلِذَا أنكرَ اللَّهُ على مَنْ لَمْ يَكْتَفِ بهذا القرآنِ العظيمِ حيث قال: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت: آية ٥١] وقال: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} [يونس: آية ٣٧] ولأَجْلِ تَعَنُّتِهِمْ وعدمِ علمِهم بأن الآياتِ إذا أُتِيَ بها مَنِ اقْتَرَحَهَا ثُمَّ كَفَرَ جَاءَهُ العذابُ الْمُسْتَأْصِلُ، كان طلبُهم للآيةِ طلبَ جهلةٍ مُتَعَنِّتِينَ لا يَتَأَمَّلُونَ فِي العواقبِ؛ وَلِذَا قال اللَّهُ: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} ومن أكثرِهم الذين لا يعلمونَ هُمُ الذين تَعَنَّتُوا وَاقْتَرَحُوا وَطَلَبُوا هذه الآياتِ؛ لأن عندهم تعنتاتٍ كثيرةً، كما ذكره اللَّهُ عنهم في آياتٍ كثيرةٍ من كتابِه، كقولِه في أخرياتِ سورةِ بني إسرائيلَ: {وقالوا لن نؤمن لك حتى تُفَجِّرَ لنا} وفي القراءةِ الأُخْرَى (٢):

{وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ} [الإسراء: الآيات ٩٠ - ٩٢] يَعْنُونَ قولَه: {إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ} [سبا: آية ٩] {أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ


(١) أخرجه البخاري من حديث جابر، كتاب الجمعة، باب الخطبة على المنبر، حديث (٩١٨، ٢٠٩٥، ٣٥٨٤، ٣٥٨٥)، (٢/ ٣٩٧).

كما أخرجه أيضا من حديث ابن عمر (رضي الله عنهما) حديث (٣٥٨٣).
(٢) قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر: (تُفجِّر) بضم التاء، وفتح الفاء، وتشديد الجيم مكسورة.

وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف (تَفْجُر) بفتح التاء، وسكون الفاء، وضم الجيم خفيفة. انظر: المبسوط لابن مهران ص (٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>