وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّنْ زُخْرُفٍ} يَعْنُونَ بالزخرفِ الذهبَ {أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ}[الإسراء: الآيتان ٩٢، ٩٣] هذه تَعَنُّتَاتُهُمْ، ومن هذه التعنتاتِ: اقتراحهم للآياتِ، فأخبرهم أن رَبَّهُ قادرٌ على أن ينزلها، ولكن إنزالَها لا خيرَ لهم فيه، أَوَّلاً هو تعنتٌ لا يُراد به الحقُّ، ولو أنزلها لكفروا فأهلكهم كما أَهْلَكَ مَنْ كَفَرَ قبلَهم، كما أشارَ له بقولِه:{وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلَاّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ}[الإسراء: آية ٥٩] وقد أَتَاهُمْ من المعجزات بِمَا فيه الكفايةُ، ولا يبقى في الحقِّ معه لَبْسٌ. أما التعنتاتُ فلا داعيَ للإجابةِ فيها؛ وَلِذَا قال:{قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}[الأنعام: آية ٣٧].
قولُه:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ} أصلُه: وما دَابِّةٌ في الأرضِ. وإنما زِيدَتْ قبلَه (مِنْ) في قولِه: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ} لِتَنْقُلَهَا زيادةُ (مِنْ) من الظهورِ في العمومِ إلى التنصيصِ الصريحِ في العمومِ. فقد تَقَرَّرَ في الأصولِ: أن النكرةَ في سياقِ النفيِ من صيغِ