للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العمومِ (١). إلا أنها تكونُ ظاهرةً في العمومِ، فإذا زِيدَتْ قبلَ النكرةِ لفظةُ (مِنْ) نَقَلَتْهَا من الظهورِ في العمومِ إلى التنصيصِ الصريحِ في العمومِ (٢). فلو قيل: «وما دابةٌ في الأرضِ» كانت الصيغةُ ظاهرةً في العمومِ. وَلَمَّا أكدَ شمولَ النفيِ بـ (من) وقال: {وَمَا مِن دَابَّةٍ} نَقَلَتْهَا زيادةُ (مِنْ) من الظهورِ في العمومِ إلى التنصيصِ الصريحِ في العمومِ. والمرادُ بالعمومِ: شمولُ النفيِ لكلِّ دابةٍ (٣). أنه ما دَابَّةٌ في الأرضِ ولا طائر يطيرُ إلا أممٌ أمثالكم.

وَاعْلَمْ أن زيادةَ (من) قبلَ النكرةِ في سياقِ النفيِ لِتَنْقُلَهَا من الظهورِ في العمومِ إلى التنصيصِ الصريحِ في العمومِ، تَطَّرِدُ في القرآنِ وفي اللغةِ العربيةِ في ثلاثةِ مَوَاضِعَ (٤):

الأولُ: أَنْ تُزَادَ قبلَ المبتدأِ، كما هنا؛ لأن الأصلَ: وما دَابَّةٌ. و (دابة) مبتدأٌ سَوَّغَ الابتداءَ فيه بالنكرةِ اعتمادُها على النفيِ قَبْلَهُ.

الثاني: زيادةُ (مِنْ) قَبْلَ النكرةِ في سياقِ النفيِ إذا كانت النكرةُ فاعلاً. نحو: {مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ} [القصص: آية ٤٦] أصلُه: (ما أتاهم نذيرٌ) فاعلٌ زِيدَتْ قبلَه (مِنْ).


(١) مضى عند تفسير الآية (٤٨) من سورة البقرة.
(٢) انظر: شرح تنقيح الفصول (١٨٢، ١٩٤)، شرح الكوكب المنير (٣/ ١٣٨)، البرهان للزركشي (٤/ ٤٢١)، الكليات (٨٤٠)، المحلي على الجمع (١/ ٤١٤)، الفتح (١/ ٨٨)، الأضواء (١/ ١٠)، (٢/ ٣٦)، (٣/ ٢٨٩)، (٤/ ١٧٢، ٢٧٨)، (٦/ ٦٦٠)، (٧/ ٦٥١).
(٣) انظر: البحر المحيط (٤/ ١١٩).
(٤) انظر: ضياء السالك (٢/ ٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>