للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما حَمَلَتْ من نَاقةٍ فوقَ رَحْلِهَا ... أَبَرَّ وأوَفى ذمةً مِنْ مُحَمَّدِ ...

وأَعْطَى إذا ما طالِبُ العُرْفِ جَاءَهُ ... وأَمْضَى بحدِّ المَشْرَقِيِّ المُهَنَّدِ

والحاصل أن الشدة في محل اللين حمق وخرق، واللين في محل الشدة ضعف وخور، وكل مقال له مقام. وقد صدق أبو الطيب المتنبي في قوله (١):

إذا قِيلَ حِلْمٌ فَقُلْ لِلْحِلْمِ مَوْضِعٌ ... وَحِلْمُ الْفَتَى في غَيْرِ مَوْضَعِهِ جَهْلُ

وقوله: {خُذِ الْعَفْوَ} قال بعض العلماء: لما نزلت هذه الآية سأل النبي صلى الله عليه وسلم عنها جبريل فقال له: حتى أسأل ربي، ثم رجع له وقال: ربك يقول: {خُذِ الْعَفْوَ} أي: صِل من قطعك، وأعطِ من حرمك. ونحو ذلك (٢) ... فإن هذا هو العفو، بأن تصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك، قال له: صِلْ من قطعك، واعف عمن ظلمك. هذا هو الأخذ بالعفو، وقد ثبت في صحيح البخاري في تفسير هذه الآية الكريمة أن عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري المعروف من رؤساء فزارة وهو الذي يُقال: إنه مطاع أحمق، وكان ابن أخيه


(١) البيت في ديوانه بشرح العكبري (٣/ ١٨٧)، وشطره الأول: «إذا قيل رفقًا قال ... ».
(٢) أخرجه ابن جرير (١٣/ ٣٣٠)، وابن أبي حاتم (٥/ ١٦٣٨)، عن سفيان بن عيينة عن أُمَيّ مرسلاً. وأخرجه ابن أبي حاتم (٥/ ١٦٣٨) وأورده السيوطي في الدر (٣/ ١٥٣)، عن الشعبي مرسلاً، وعزاه لابن أبي الدنيا وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن جرير. والذي عند ابن جرير عن أمَيّ كما تقدم.
كما أورده في الدر عن جابر (رضي الله عنه) وقيس بن سعد بن عبادة وعزاه لابن مردويه.

<<  <  ج: ص:  >  >>