للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُحمل على براءتها حتى يُتحقق بالبينة شغلها. وكذلك إذا ثبت أن الذمة شُغِلَتْ بدَيْنٍ وجب استصحاب ذلك الشغل حتى تقوم البيّنة على أنه قضاه. وهكذا في مسائل كثيرة.

الرابعة: قولهم (العُرفُ مُحَكَّم) وهو أن الناس في معاملاتها وما يجري بينها في بيوعها ونكاحها وإجاراتها وطلاقها وغير ذلك من العقود أنها يُرجع بها إلى عرفها وما تعتاده في مخاطبتها وتقصده، ولا تُحمَّل بمطلق ألفاظ اللغة التي يخالفها عرفها.

القاعدة الخامسة: (الأمور تبع المقاصد) وهذه قاعدة عظيمة يشير إليها قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (١).

وهذا معنى قوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ}.

{وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} الإعراض عن الجاهلين خُلُق سماوي أمر الله به نبيّه لِيُعَلِّم خَلْقَه هذا الخُلق الكريم، والأدب السماوي العظيم، أنه إذا جهل عليك جاهل فأساء إليك أن تعرض عنه ولا تأخذه بزلته، كما قال جل وعلا: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: آية ٧٢] {سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: آية ٥٥] ونحو ذلك. وهذا معنى قوله: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}.


(١) البخاري في بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي ... ، حديث رقم (١)، (١/ ٩)، وأطرافه في: (٥٤)، (٢٥٢٩)، (٣٨٩٨)، (٥٠٧٠)، (٦٦٨٩)، (٦٩٥٣).
ومسلم في الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنية». حديث رقم (١٩٠٧)، (٣/ ١٥١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>