للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ} [الأعراف: آية ٢٠٠] (إما) هذه أصلها (إن) الشرطية زيدت بعدها (ما) المزيدة لتوكيد الشرط (١) والكثير في كلام العرب: أن (إن) الشرطية إذا أُكِّدت شرطيتها بـ (ما) المزيدة بعدها كان الفعل المضارع لا بد أن تكون فيه نون التوكيد المُثَقَّلة، حتى قال بعض العلماء: كل مضارع قبله (إما) لا بد أن يتصل بنون التوكيد الثَّقيلة (٢). والتحقيق أن هذا وإن كان هو لغة القرآن لم يوجد في القرآن فعل مضارع قبله (إما) إلا وهو مقترن بنون التوكيد المُثَقَّلة {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ} [الأعراف: آية ٢٠٠] {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ} [الزخرف: آية ٤١] {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} [مريم: آية ٢٦] إلى غير ذلك؛ إلا أن التحقيق أن إتيان نون التوكيد بعده هو اللغة الفصيحة ولو لم تأت بعده لكان جائزًا، وسُمع في أشعار العرب بكثرة عدم توكيد الفعل بعد (إما)، ومنه قول الأعشى (٣):

فَإِمَّا تَريْني ولي لِمَّةٌ ... فإنَّ الحَوَادثَ أَودَى بها

قال: «تريني» ولم يأت بنون التوكيد. ومنه قول الحماسي (٤):

زَعَمتْ تُمَاضِرُ أَنَّني إِمَّا أَمُت ... يَسْدُدْ أُبَيْنُوهَا الأَصَاغِرُ خُلَّتي

ومنه قول الشنفرى (٥):

فإما تريني كابنةِ الرَّمْلِ ضَاحِيًا ... على رِقَّةٍ أَحْفَى ولا أتَنَعَّل


(١) انظر: الدر المصون (١/ ٢٩٨).
(٢) انظر: المصدر السابق (١/ ٢٩٩).
(٣) مضى عند تفسير الآية (٣٥) من هذه السورة.
(٤) السابق.
(٥) السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>