للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول لبيد بن رييعة (١):

فَإِمَّا تريني اليومَ أصبحتُ سَالمًا ... فلَسْتُ بِأَحْيَا من كلابٍ وجعفرِ

وهو كثير في كلام العرب. وزعم قوم أن حذف نون التوكيد لضرورة الشعر. وقال جماعة من علماء العربية: إنه لغة صحيحة لا ضرورة، كما هو معروف في محله. وهذا معنى قوله: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ} [الأعراف: آية ٢٠٠] أسند الفعل هنا إلى مصدره، كقول العرب إذا جدَّ الأمر: «جدَّ جِدُّ هذا الأمر». والأصل يعنون: جدَّ الناس في ذلك الأمر. وإسناد الفعل إلى مصدره أسلوب عربي معروف، منه قول أبي فراس الحمداني وإن كان شعره لا يصلح إلا مثالاً لا شاهدًا (٢):

سَيَذْكُرني قَومي إذا جَدَّ جِدُّهُم ... وفي الليلةِ الظَّلماء يُفْتَقَدُ البدرُ

قال بعض العلماء (٣): النزغ والنغز معناه: النخس. وإما ينخسنك الشيطان. ونخس الشيطان كأنه يأتي بشيء محدد ينخس في الإنسان ويغرزه فيه ليثيره إلى ما لا يرضي الله من المعاصي. وهذا النزغ هو فساد الشيطان على الإنسان إما بالوساوس، وإما بشدة الغضب، ونحو ذلك مما يحمله عليه الشيطان من انتهاك حرمات الله وتضييعها. إذا نزغك هذا النزغ من الشيطان بأن وسوس لك حتى زين لك أن تعصيه، أو أغضبك حتى خرجت عن حدود الطاعة، وكان هذا النزغ سيؤديك إلى أن تفعل ما لا ينبغي {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} من الشيطان. (استعذ) معناه: اطلبه أن يعيذك منه. والإعاذة: هي الحفظ


(١) السابق.
(٢) البيت في ديوانه ص١٦١.
(٣) انظر: القرطبي (٧/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>