يُخَلِّطُون فيه بالأصوات والتصدية والمكاء من تصفيق وتصفير، ويأتون باللغط واللغو ليمنعوا الناس من سماعه وتدبره كما نص الله على ذلك عنهم في قوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (٢٦)} [فصلت: آية ٢٦] فأمر الله المؤمنين أن ينصتوا له ويستمعوا.
قال بعض العلماء: هو أمر للكافرين أن يكفوا عما يفعلون في قولهم: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} وقد أجرى الله العادة أن الكفرة يكرهون كل الكراهة سماع كلام رب العالمين -والعياذ بالله- هذا أول الأنبياء الذين أُرسلوا لأهل الأرض بعد أن كفروا، نوح (عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام) فانظروا كيف يكره قومه سماع كلامه؛ لأنه يقول عنهم: {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (٧)} [نوح: آية ٧] كراهة أن يسمعوا الحق الذي يقوله لهم ذلك النبي الكريم. وهؤلاء الذين بُعث فيهم خاتم الرسل (صلوات الله وسلامه عليه) يقولون: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}[فصلت: آية ٢٦] فقد بين -جل وعلا- في أُخريات سورة الحج شدة كراهتهم لتلاوة القرآن عليهم:{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا}[الحج: آية ٧٢] أي: لشدة كراهتهم وبغضهم لتلاوتها؛ ولذا قال هنا:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ}.
وكثير من علماء السلف يقولون: هذه في الصلاة خاصة إذا كان الإمام يقرأ صلاة جهرية، فإذا قرأ الإمام قراءة جهرية فعلى المأمومين أن يستمعوا وينصتوا. وكان بعض العلماء من هذا المعنى يقول: ليس