والإنصات: هو السكوت وترك الكلام؛ لأجل سماع ما يقال. هذا معنى قوله:{فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الأعراف: آية ٢٠٤].
ثم إن الله علم نبيه صلى الله عليه وسلم آداب الذكر، وجعل له الذكر على نوعين على التحقيق: ذكر نفساني، وذكر لساني، أما الذكر النفساني فهو هذا الذي يذكره العبد في نفسه بالتدبر والتفكر والاعتبار ولا ينطق به. وما قاله ابن عطية (١)(رحمه الله) من أنه لا ذكر إلا بحركة اللسان خلاف ظاهر هذه الآية الكريمة؛ لأن الله قال لنبيه:{وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ}[الأعراف: آية ٢٠٥] أي: فيما بينك وبين ربك في نفسك من غير كلام، فتذكر عظمته وكماله وجلاله وصفاته، وما عنده من الثواب لمن أطاعه، ومن العقاب لمن عصاه، ويكون هذا التذكر والتفكر في عظمة الله (جل وعلا) وفي صفاته العظمى، وفي ثوابه وعقابه يكون في نفسك لأجل التضرُّع والخوف.
وقوله:{تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} قيل هما مفعولان لأجلهما؛ أي: لأجل التضرع. والتضرع معناه: التذلل والتخشع والتواضع؛ أي: لأجل التذلل والتخشع والتواضع لرب العالمين. وقال بعض العلماء:{تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} مصدران مُنكَّران بمعنى الحال؛ أي: في حال كونك متضرعًا خائفًا. والكل محتمل.
وقوله:{خِيفَةً} ياؤه مبدلة من واو، أصله:(خِوْفَة) لأنها
(١) عبارة ابن عطية: «والجمهور على أن الذكر لا يكون في النفس، ولا يراعى إلا بحركة اللسان» اهـ. المحرر الوجيز (٧/ ٢٣٩).