للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إعظامًا لله (جل وعلا) وإجلالاً له، وخوفًا من بأسه وبَطْشِهِ، فالمُؤْمِنُ الحَقِيقِيُّ إذا سَمِعَ ذكر الله وجل قَلْبُهُ، أي: خَافَ قَلْبُهُ استعظامًا لرب العالمين، وإجلالاً له، وخوفًا من عقابه، وهذا معنى قوله: {إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} والعرب تقول: وَجِلَ من الأمر، يَوجَل، وجلاً: إذا خاف منه، ومنه قول إبراهيم للملائكة لما لم يرَ أيديهم تصل إلى العجل الذي قربه إليهم: {قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ (٥٢) قَالُواْ لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٥٣)} [الحجر: الآيتان ٥٢، ٥٣] فالوجل الخوف.

{وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ} (١) أي: قُرئت عليهم آياته، والياء في {تُلِيَتْ} أصلها مُبدلة من واو؛ لأن مادة التلاوة من الناقص الذي لامه واو (٢)، وأصل التلاوة مصدر سيال، والعرب تقول: تلاه يتلوه: إذا تبعه، تقول العرب: هذا يتلو هذا؛ أي: يتبعه، ومنه قيل للجمل الذي يتبع النوق لضرابها: (التالي)؛ لأنه يتبع إناث الإبل كما هو معروف، ومنه قول غيلان ذي الرمة (٣):

إذا الجَافِر التالي تَنَاسَيْنَ عهده ... وعارضْنَ أنفاسَ الرياحِ الجَنَائِبِ

وإنما قيل للقراءة (تلاوة) لأن القراءة مصدر سيال لا بد من حرف يتلوه حرف، يتلوه حرف، يتلوه حرف، حتى يتجمع من هذا المتلو: المقروء {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ} أي: قُرئت عليهم آياته {زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} أي: تصديقًا بالله إلى تصديقهم، وإيمانًا إلى إيمانهم.


(١) مضى عند تفسير الآية (١٥١) من سورة الأنعام.
(٢) انظر: معجم مفردات الإبدال والإعلال ص٣٣٩.
(٣) مضى عند تفسير الآية (١٥١) من سورة الأنعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>