للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«إنه لا يزيد ولا ينقص، وإنما ذلك بحسب التعلقات» قول لا يخفى بطلانه على متأمل في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا معنى قوله: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}.

{وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} التوكل على الله هو: الثقة به (جل وعلا) وتفويض جميع الأمور إليه، فهنا ذكر من صفات المؤمنين أولاً: الخوف من الله (جل وعلا)، والثانية: زيادة الإيمان، والثالثة: تفويض الأمر إلى الله والتوكل عليه في كل شيء.

وفي هذه الآية الكريمة سؤال معروف، وهو أن يقول طالب العلم: إن الله (جل وعلا) ذكر في هذه الآية الكريمة من صفات المؤمنين أنهم إذا سمعوا ذكر الله {وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} أي: خافت قلوبهم، مع أنه ذكر في موضع آخر أن ذكر الله يكون سببًا لطمأنينة القلوب، كما قال تعالى: {وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: الآية ٢٨] قالوا كيف جمع بين الوجل والطمأنينة عند ذكر الله؟!

والجواب عن هذا (١) مشهور عند العلماء لا إشكال فيه، وهو أن الطمأنينة إنما تعتري قلوبهم إذا سمعوا ذكر الله لما انشرحت له صدورهم من معرفة الحق وتيقُّنه، فقلوبهم مطمئنة غاية الطمأنينة إلى معرفة الحق، عالمون أنه حق لا يخالجهم شك، ومع هذا يخافون من الله أن لا يتقبل منهم أعمالهم ونحو ذلك، وهذه صفة المؤمنين يطمئنون باليقين ويخافون ربهم (جل وعلا). وهذا معنى قوله: {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: الآية ٢].


(١) انظر: تفسير القاسمي (٨/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>