للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأظهر الأقوال وأقربها: أن الله شبه فيها قصة بقصة؛ لأنه وقع في أول غزوة بدر قصتان:

إحداهما: أن الله تبارك وتعالى لما هَزَمَ المُشْرِكِينَ ونَفَّلَ المُسْلِمِينَ غَنَائِمَهُمْ، وحصلت عند المسلمين غنائم اختلفوا فيها، فجعل الله الأمر فيها إلى رسوله فقسمها رسوله صلى الله عليه وسلم وبعضهم في نفسه غير راغب في تلك القسمة؛ لأنه كان يرى أنه أولى من غيره، فقد قضى الله عليهم شيئًا ليس هو رغبتهم لكنه هو المصلحة لهم في دينهم ودنياهم، هذه المسألة المشبّهة.

والمسألة المشبه بها: أن الله أخرج نبيه من بيته في المدينة -هنا (١) - أخرجه إلى غزوة بدر الكبرى، فقد كان صلى الله عليه وسلم خرج لحكمة الله (جل وعلا)، خرج وكأنه يقصد عير أبي سفيان ليأخذ المال ليس دونه قتال، فلما خرج صلى الله عليه وسلم يريد أخذ مال لا قتال دونه في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أصحابه، وشاء الله أن أبا سفيان سَاحَلَ بِعِيْرِه إلى جهة ساحل البحر، وأرسل إلى قريش ضمضم بن عمرو الغفَاري ليبادروا عِيرهم، قال: لا يأخذها محمد صلى الله عليه وسلم كما فعل بعِير ابن الحضرمي بنخلة، وجاء النفير، وأُخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن نفير قريش جاءهم جيش عرمرم في عَدده وعُدده، والله (تبارك وتعالى) أراد أن يُخرجهم إلى عِير ليسهل عليهم الخروج ويجعلهم ليسوا مستعدين للقتال ليُجَرِّئ عليهم نفير قريش.

ليقضي الله أمره -كما سيأتي تفاصيله- وسنذكر في هذه السورة الكريمة -إن شاء الله- حاصل غزوة بدر وما فيها من المهمات؛ لأنها مذكورة في هذه السورة


(١) معلوم أن الشيخ (رحمه الله) كان يلقي هذه الدروس في المسجد النبوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>