للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المائدة: الآية: ١١٨]. وفي رواية أنه قال له: «قُلْتَ كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمَ: {فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}» [إبراهيم: الآية ٣٦] وفي بعض الروايات قال لعمر: «قُلْتَ كَمَا قَالَ مُوسَى: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ} [يونس: الآية ٨٨] وفي بعضها أنه قال له: «قُلْتَ كَمَا قَالَ نُوحٌ: {رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً} الآيات [نوح: الآية ٢٦]. وفي بعض الروايات أن معهم عبد الله بن رواحة (رضي الله عن الجميع)، وأنه قال له: أنت في وادٍ كثير الحطب فأضرم عليهم النار (١).

وعلى كل حال فلما أَخَذُوا الأُسارى أَخَذَهُم الذين أسروهم أولاً ولم يأمرهم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بأسرهم، وكانوا يرغبون في الفداء ليتَقَوَّوْا بالمال، فَلَمَّا اسْتَقَرّوا تحت أيديهم كان ذلك الرَّأْي لَيْسَ مُسْتَبْعِداً عنده صلى الله عليه وسلم، ولم ينزل فيه وَحْي، فبَعْد أنْ أخذوا الأسارَى جَاءَهُمْ هَذَا اللَّوْم من الله، وهذا الأمر العظيم، وقرب العذاب منهم لولا الكتاب السابق. ولما كان مِنَ الغد جاء عمر (رضي الله عنه) ووجد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر يبكيان، فقال: ما يبكيكما، أخبراني بما يبكيكما؟ فإن وجدت بكاءً بكيت معكما، وإن لم أجد بكاءً تباكيت لبكائكما. فقال له رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُ أَصْحَابِكَ كَهَذِهِ الشَّجَرَةِ -لشجرة قريبة منه (٢) صلى الله عليه وسلم- لأن الله قال لهم: {لَّوْلَا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٦٨)} [الأنفال: الآية ٦٨]»، ثم إن الله بعد ذلك أحل لهم ذلك المغنم وطَيَّبَه


(١) تقدم تخريجه عند تفسير الآية (١٢) من هذه السورة.
(٢) مسلم في الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم، حديث رقم: (١٧٦٣) (٣/ ١٣٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>