يعطكم خيراً، أي: مالاً في الدنيا، وثواباً في الآخرة خيراً {خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ} أي: أفضل وأعظم مما أُخذ منكم.
والعرب استغنت بـ (خير) و (شر) عن (أخير وأشر)، فهما صيغتا تفضيل، والأخيرة منهما صيغة تفضيل، وقد قال ابن مالك في كافيته (١):
وَغَالِباً أغْنَاهُمُ خَيْرٌ وَشَرّ ... عن قولهم أَخْيَرُ مِنْهُ وَأَشَرّ
فالأخيرة هنا تفضيل أي: يؤتكم أخير وأفضل، أي: أكثر خيراً وأعظم منه، وذلك كما وقع في مال البحرين أعطى العباس أكثر بأضعاف مما أُخذ منه يوم بدر من الفداء، وأعطاه عشرين عبداً. وقال العباس: وأعطاني الله زمزم أيضاً ما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة، فَعَوَّضَهُ اللهُ مِئَات الأضْعَاف على ما أخذ منه يوم بدر. وهذا معنى قوله:{إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ} أي: مما أخذه المسلمون منكم كالعشرين أوقية التي أُخِذَتْ مِنَ العَبَّاسِ، وما أُخذ في فِدَائِهِمْ من المال. وحذف الفاعل هنا للعلم به {وَيَغْفِرْ لَكُمْ} أي: يغفر لكم ذنوبكم. حذف فاعل (أُخذ) ومفعول (يغفر) والمعنى: يعطيكم خيراً مما أخذه منكم المسلمون يوم بدر، ويغفر لكم ذنوبكم كلها، وشرككم المتقدم وكفركم بالله. وهذا معنى قوله:{يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} أي: كثير المغفرة والرحمة لعباده المؤمنين، ولاسيما إذا علم في قلوبهم الإيمان والإخلاص له (جل وعلا). وهذا معنى قوله:{وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.