للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَئِنْ عَادَ لِي عَبْدُ العَزِيزِ بِمِثْلِهَا ... وَأَمْكَنَنِي مِنْهَا إِذًا لَا أُقيلُهَا

ومحل الشاهد منه قوله: وأمكنني منها؛ أي: جَعَلَها فِي قَبْضَتِي وتَحْتَ تصرُّفِي. وهذا معنى قوله: {فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} أي: أمْكَنَكَ اللهُ أَنْتَ وأصحابك منهم يا نَبِيَّ الله، فلا تهتم بخيانتهم.

وقوله: {خِيَانَتَكَ} الياء فيه منقلبة عن الواو؛ لأن مادة (الخيانة) أصلها من أجوف واوي العين، أصلها مِنْ (خَوَن) ولذا يقال في المبالغة منها: (خوَّان). ولو كانت يائية لقيل: (خيان) ويقال في ماضيها: خان يخون. ولو كانت يائية لقيل: يخين. إلا أن القاعدة المقررة في التصريف أن الواو إذا تَقَدَّمَتْهَا كسرة وجاء بعدها ألف وجب إبدالها ياء، كالخيانة من الخون، والحيازة من الحوز، والصيانة من الصون، والقيامة من قام يقوم (١). قال بعض علماء العربية: على القول بجمع المصادر تُجمع الخيانة على (خيائن) اعتداداً بالياء المبدلة من الواو، والقياس أن تُجمع على (خَوَائِن) إلا أنهم فرَّقُوا بَيْنَ جمع (خيانة) وبين جمع (خَائِنَة) فجعلوا هذه بالياء وإن كان أصلها الواو.

{فَقَدْ خَانُواْ اللَّهَ مِن قَبْلُ} خيانتهم لله هي كُفْرُهُمْ بِالله، وعبادتهم للأصنام، وتكذيبهم لنبيه {فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ} جل وعلا {عَلِيمٌ حَكِيمٌ} {عَلِيمٌ} (الفَعِيل) من صيغ المبالغة، وعلمه (جل وعلا) يَسْتَحِقّ أن يُبَالَغَ فِيهِ؛ لأن عِلْمَهُ محِيطٌ بكل شيء، وهو (جل وعلا) يعلم الموجودات والمعدومات والواجبات والجائزات والمستحيلات، حتى إنه من إحاطة علمه لَيَعلم المعدوم الذي سبق


(١) مضى عند تفسير الآية (٥٨) من سورة الأنفال.

<<  <  ج: ص:  >  >>