للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال بعض العلماء: الولاية المنفيَّة هُنَا هِيَ ولاية الميراث خاصة، وهو مروي عن ابن عباس (١) وجماعة من الصحابة فمَنْ بَعْدَهُمْ.

وقال بعض العلماء: هي جميع الأنواع: الموالاة من الميراث والمعاونة.

والتحقيق: أنها عامة إلا ما استثني منها وهو النصر الديني خاصة؛ لأن الله استثناه بقوله: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} هذا الذي بقي من ولايتهم مع عدم هجرتهم. وهذا معنى قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ} وقد بيَّن عذر المستضعفين وعدم عذر الذين كانوا على قدرة وبقوا بين أظهر الكفار المحاربين للنبي صلى الله عليه وسلم حتى يهاجروا.

ثم قال: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ} الاستنصار طلب النصر، وقد تقرر في علم العربية: أن من معاني السين والتاء: الطلب. استغفر: طلب المغفرة، واستطعم: طلب الطعام، واستسقى: طلب السقيا، واستنصر: طلب النصر، {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ} أي: طَلَبُوا نَصْرَكُمْ في الدين.

قوله: {فِي الدِّينِ} يدل على أنهم لو استنصروهم نصر قَوْمِيَّة وعَصَبِيَّة أنهم ليس عليهم أن ينصروهم، وأن المناصرة إنما هي في الدين، فلا مناصرة في العصبيات، ولا في القوميات، ولا في الأراضي الفاسدة، وإنما المناصرة في الله، وفي دين الله (جل وعلا)؛ ولذا قال: {فِي الدِّينِ} والمراد بالدين: دين الإسلام كما قال: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلَامُ} [آل عمران: الآية ١٩]


(١) ابن جرير (١٤/ ٧٨) من طريق علي بن أبي طلحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>