للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: الآية ٨٥]. وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل أن الدين شامل للإيمان والإحسان والإسلام حيث سأله عن الإيمان وفسره له، والإسلام وبيّنه له، والإحسان كذلك. ثم قال: «هَذا جِبْرِيل أتَاكم يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ» (١). فعلم من قوله: «يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ» أن اسم الدين شامل لكل من الإحسان والإسلام والإيمان كما لا يخفى. وهذا معنى قوله: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} أي: فواجب عليكم نصرهم. أي: إعانتهم الإعانة الدينية لا الإعانة العصبية القومية فذلك لا يكون؛ لأن الإعانات والانتصارات إنما هي في سبيل الله، وعلى كتاب الله، لا في سبيل الشيطان، ولا على سبيل العصبيات وقضايا الجاهلية الأولى كما لا يخفى. وهذا معنى قوله: {فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَاّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِيثَاقٌ} الجار والمجرور في قوله: {عَلَى قَوْمٍ} يتعلق بمحذوف، إلا إن استنصروكم على قوم فلا تنصروهم على قوم بينكم وبينهم ميثاق.

وقد قدمنا في هذه الدروس مراراً (٢) أن لفظ القوم يختص في الوضع العربي بالذكور دون الإناث، كما قال تعالى: {لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء} [الحجرات: الآية ١١] فعطفه النساء على القوم في آية الحجرات هذه يدل على أن القوم لا يتناول النساء وضعاً، ومثل الآية الكريمة قول زهير وهو عربي جاهلي قح (٣):


(١) مضى عند تفسير الآية (٥٨) من سورة البقرة.
(٢) مضى عند تفسير الآية (٨٠) من سورة الأنعام.
(٣) السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>